عندما نتحدث عن عيد الجيش العربي السوري، فللحديث معان عميقة ودلالات بعيدة، تميزه عن غيره من بقية الجيوش، عربية كانت أم أجنبية فهذا الجيش الذي يكاد أن يكون الوحيد من بين الجيوش العربية الذي ينص على تسميته بالجيش العربي، وتضاف كلمة السوري لتمييزه عن الجيش المصري أو العراقي أو التونسي …الخ
فإذا ألقينا نظرة سريعة على المحطات الهامة لتاريخ جيشنا النضالية ومنذ أن واجه الجنرال غورو في معركة ميسلون بقيادة الشهيد يوسف العظمة في ٢١/ ٧/ ١٩٢٠، على الرغم من عدم وجود أي تكافؤ بين الجيشين في هذه المعركة، إلاّ أن جيشنا البطل، لم يرض أن يسجل في تاريخه أن الجيش الفرنسي وجد طريقه معبدة إلى دمشق دون أية مقاومة، وبالفعل كان له ولقائده ما أراد، وستبقى الأجيال تتحدث عن معركة ميسلون وما تعنيه في حياة شعبنا العربي السوري وحياة الشعوب الحية كافة.
مر الجيش بظروف مختلفة، فقد انخرط في مرحلة الانتداب الفرنسي مع بقية أبناء الشعب في مواجهة الاستعمار الفرنسي إلى أن تحقق الاستقلال في ١٧ نيسان عام /١٩٤٦/ وبعد أقل من سنتين شارك هذا الجيش، الذي لم يصل عديده آنذاك إلى خمسة آلاف مقاتل في معركة الأمة العربية في فلسطين المحتلة عام /١٩٤٨/ وعلى الرغم من التدخلات الإقليمية والتأثر بالنفوذ الأجنبي بقيت الروح الوطنية هي المهيمنة في صفوف الجيش وهذا ما أفضى إلى دوره المهم في إشادة أول وحدة عربية في تاريخ العرب الحديث عام /١٩٥٨/ بين سورية ومصر.
كما عدّ العدة للإجهاز على الجريمة التي ارتكبها بعض الضباط الانفصاليين في ٢٨/ ٩/ ١٩٦١ وبعد أقل من سنتين استطاع أن يفجر ثورة الثامن من آذار عام /١٩٦٣/ ومنذ ذلك اليوم بدأ العمل على بناء جيش عقائدي، لا مكان فيه لغير الوطنيين والقوميين، وبدأ النظر إليه على أنه جيش الأمة العربية، يضع نصب عينيه تحرير فلسطين وكذلك الجيش الوطني في مصر العروبة بقيادة جمال عبد الناصر، وبدأت الدوائر الغربية وبالتنسيق مع قوى التآمر الداخلي على ضرب الجيشين العربيين فكانت نكسة حزيران عام / ١٩٦٧ / وعلى إثر هذه النكسة بدأ الإعداد في كل من سورية ومصر لحرب تزيل آثار النكسة وتحرير الأراضي المحتلة.
فجاءت حركة التصحيح المباركة بقيادة السيد الرئيس حافظ الأسد، وكان من أهم إنجازاتها الاهتمام بالجيش وإعادة بنائه عسكرياً وسياسياً ومعنوياً، وتأسيس الجبهة الوطنية التقدمية، وطرح شعار التضامن العربي.
خاض الجيشان العربيان السوري والمصري وبمشاركة من معظم الجيوش العربية حرب تشرين التحريرية عام /١٩٧٣/، التي حققت انتصارات باهرة حطمت أسطورة “الجيش الذي لا يقهر” وإعادة ثقة المواطن العربي بجيوشه وبحتمية انتصاره على عدوه.
وفي عام /١٩٧٤/ وبعد توقيع اتفاق فصل القوات ورفع العلم السوري في سماء مدينة القنيطرة المحررة قال القائد المؤسس حافظ الأسد مخاطباً الجماهير المحتشدة: “إن الكلمات جميعها عاجزة عن وصف هذه المناسبة، أستطيع أن أقول باختصار، إن إرادة الشعب لا يمكن أن تقهر، وإن الوطن فوق كل شيء ، وعلينا أن نستمر في الإعداد لطرد العدو من كل شبر من أراضينا العربية المحتلة، وأنا متفائل بالنصر متفائل بالمستقبل”.
إن الدور الوطني والقومي الكبير الذي أداه الجيش العربي السوري هدفاً لأعداء الأمة في الداخل والخارج وكانت الحرب غير المسبوقة على وطننا التي كان الفضل الأول لجيشنا الباسل في التصدي لها وإسقاطها وها هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة السيد الرئيس بشار الأسد يخاطب الجيش الباسل ضباطاً وصف ضباط وجنوداً يصفهم برجال العقيدة والانتماء قائلاً: ” ها أنتم اليوم في شتى المواقع والميادين، تتابعون ما خطه أجدادكم وآباؤكم وتواصلون بكل شجاعة واقتدار أداء مهامكم المقدسة في الذود عن الوطن، مثبتين أنكم قادرون على قهر أشد الصعاب وتحقيق أفضل النتائج وأعظم الانتصارات في مواجهة عدوان قذر ممنهج ومدعوم من كبرى الدول، عدوان متعدد الأشكال والأساليب والأدوات”.
إن الجبهة الوطنية التقدمية ممثلة بأحزابها كافة وبقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي تؤكد اعتزازها بالجيش العربي السوري، الجيش العقائدي الذي يعدّ مثالاً للكرامة الوطنية والعزة القومية وأنه سيحقق الانتصار تلو الآخر بقيادة قائده العام السيد الرئيس بشار الأسد ولن يحيد عن بوصلة النضال ضد أعداء الأمة وأن المعركة الأساس هي مع العدو الصهيوني الذي يكمن خلف كل ما نتعرض إليه، كي يبقى القوة الأكبر في المنطقة، يفعل ما يشاء، وهذا ضرب من المحال، فالتاريخ يقول وبتجاربه الغنية: إن طال الزمن أم قصر، فلابد للحق من أن يعود إلى أصحابه والأرض المحتلة إلى أهلها.
تحية إجلال وإكبار للقائد العام للجيش والقوات المسلحة السيد الرئيس بشار الأسد والتحية لأبناء القوات المسلحة الباسلة ولأرواح الشهداء ولأهلهم الشرفاء الصامدين وللجرحى البواسل وإلى الانتصار الناجز والأخير على أعداء أمتنا.
دمشق في ١/ ٨/ ٢٠٢٣
القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية