كتب البرلماني خالد العبود حول مايتعلق بسير وزارة التربية وخطاها الغير هادف برأيه والإشكاليات التي سببها وزير التربية الحالي دارم الطباع، إليكم ماكتب عبر صفحته على فيسبوك :
” -بعث لنا السيد وزير التربية مشكوراً، استبياناً يوضّح فيه تدرج نسب التعلّم، في الولايات المتحدة والاتحاد الروسيّ، يذكّرنا بنسب مدخلات ومخرجات العملية التربويّة – التعليميّة.
في هاتين الدولتين الهامتين، ليقول لنا أخيراً بأنّه من الواقع الموضوعيّ أن تكون مخرجات هذه العمليّة، ليس كما يحاول أن يتمناها كثيرون منّا!!..
-والحقيقة أنّنا بعد هذه الرسالة صار لزاماً علينا أن ندخل في حوارٍ عميقٍ مع وزارة التربية، ممثّلة بالسيّد وزير التربية.
نظراً لكونها الحامل الأساس لهذه العملية التربويّة – التعليميّة، ونظراً لكون السيد الوزير مسؤولاً دستوريّاً وقانونيّاً عن هذه الوزارة، وتنفيذ استراتيجيّة الدولة فيها، ومن خلالها..
-سيادة الوزير المحترم، في كلامكم الذي نتابعه منذ فترة زمنيّة، وفي الأدبيات التي تطلقونها من خلال تصريحاتكم وحواراتكم وتوجيهاتكم.
وكثيرٍ من قراراتكم التي تعتبرونها أساس رؤيتكم للعمليّة التربويّة في هذه المؤسّسة، وتحديداً لجهة تأكيدكم المستمر، على أنّ العمليّة التربويّة – التعليميّة، لا يمكن أن تكون دورتها تامّة وكاملةً على جميع أبنائنا.
والاستشهاد المستمر باستبيانات لدول متقدّمة في هذا المجال، كلّ ذلك يخرجكم عن الدور المسند إليكم، وعن الأهداف الدستوريّة والوطنيّة المرجوّة دائماً من عمل وزارة التربيّة!!..
-إنّ دوركم الطبيعيّ يتكثّف في التشجيع على إتمام العمليّة التربويّة – التعليميّة، والدفع ما استطعتم واستطاعت الدولة من خلال تأمين مستلزمات هذه العمليّة، معنويّاً وماديّاً.
ليس من أجل الوصول إلى معادلة مقبولة تربط مخرجات هذه العملية بسوق العمل، وإنّما سعيّاً من الدولة، الممثّلةِ بوزارتكم، لرفع كفاءة المجتمع وأبنائه، وخلق جامع وطنيّ واحدٍ بين أبناء المجتمع السّوريّ.
وإحداث مقاربة ومحاكاة معنويّة عميقة، بين مكونات روحيّة – اجتماعيّة سوريّة، لردم الفالق الكبير الذي أحدثته سنوات طويلة من الاحتلال والوصاية والتعميّة والتبعيّة والتجهيل والأميّة!!..
-سيادة الوزير المحترم، هل تنتظرون من الجوامع والكنائس والأديرة والزوايا والتكايا والمزارات والأضرحة، أن تنتج خطاباً وطنيّاً جامعاً بين السّوريّين.
وهل تنتظرون من القبائل والعشائر والعوائل والحمايل، أن تعيد صياغة الهُويّة الواحدة الجامعة بين السّوريّين، وهل تنتظرون من الجمعيّات والأندية وفرق الدبكة وغيرها.
أن تؤسّس لوعي المواطنة بضرورة وحدة هذا الوطن، وضرورة وحاجة السوريّ للسوريّ، والسّوريّ للعربيّ؟!!..
-إنّ كلامكم في أكثر من مقامٍ، حول حقيقةِ وموضوعيّة أن يكون هناك أبناءٌ لنا، لا يتمّون دورة العمليّة التربويّة – التعليميّة، وخروجهم من المراحل الأولى لهذه العمليّة، باعتبار أنّ الأمر طبيعيٌّ، يتناقض مع الدور الحقيقيّ للمؤسسّة التي تقودونها، وهي فعلٌ واضحٌ منكم.فيه رسائل مباشرة جدّاً، لتشجيع أبنائنا على استسهال الأمر واعتباره أمراً طبيعيّاً.
هنا يتحوّل دوركم في هذه العمليّة، من التشجيع الطبيعيّ على رفع نسب الالتزام بدورة العمليّة التربويّة، والتشجيع عليها، ودفعها المستمر باتجاه إنجاز أهدافها الكاملة، إلى دور آخر متناقضٍ مع الدور الأخلاقيّ والوطنيّ والقيميّ المؤتمنين عليه في موقعكم الذي تشغلونه!!..
-ليست وظيفتكم، سيادة الوزير المحترم، أن تعملوا وتحرّضوا وتشتغلوا على التأثير على المواطنين، لاستسهال عدم إتمام الدورة التربويّة – التعليميّة لأبنائهم.
إنّما دوركم الطبيعيّ والحقيقيّ هو دفع المواطنين وأبنائهم وتشجيعهم على إتمام هذه الدورة التربويّة – التعليميّة، وتأمين كلّ الإمكانيات الممكنة، في خدمتهم وصولاً إلى تحقيق أفضل الأهداف الممكنة!!..
-إنّ الدور الذي تلعبونه، وتؤكّدون عليه، وتحديداً في لقائكم الإعلاميّ الأخير الذي أشرنا له في مقالنا السابق، يؤكّد أنّكم تغردون بعيداً عن هذه الأهداف الوطنيّة والقيميّة الجليلة، وأنّكم فيما تؤمنون به.
تعملون على تشويه العمليّة التربويّة – التعليميّة، وحرفها عن مسارها الرئيس الذي طالما اشتغلت عليه الدولة، واشتغلت عليه أجيال من السوريّين، أملاً بحياةٍ أوفر للسوريّين!!..
-سيادة الوزير المحترم..
تصوّروا لو أنّ السيّد وزير الداخليّة، في الجمهوريّة العربيّة السوريّة، خرج على الاعلام، وبدأ يسوّق على مسامع المواطنين، لنسب الجريمة في دول أخرى على مستوى العالم.
ويضيف بأنّه من الطبيعيّ والموضوعيّ أن تقع جرائم قتلٍ وخطفٍ وسرقةٍ ونصبٍ واحتيالٍ في المجتمع السوريّ، ماذا يعني ذلك لكم، ألا يعني بأنّ السيّد وزير الداخلية يشيع استسهال الجريمة والقتل والخطف والسرقة والنصب والاحتيال.
ستقول لنا: أليس هذا أمرٌ حقيقيٌّ، سنقول لك، بأنّ رأس الحقيقة، لكنّه ليس مسموحاً للسيد وزير الداخليّة أن يتحدّث في هذه الحقيقية ويتبناها، باعتبار أنّ مهمته منع تعميم واستسهال وشرعنة هذه الحقيقة ما أمكن.
كون أنّ مهمّته الرئيسيّة محصورة في التركيز على تسويق الأهداف المدرجة في الدور المسند له دستوريّاً وقانونيّاً، فهو ليس باحثاً أو محاضراً كي يتحدّث للمواطنين عن نسب الجرائم وتعميمها وتصديرها باعتبارها أمراً طبيعيّاً!!..
-كذلك بالنسبة لكم، فأنتم لستم محاضراً وباحثاً تربويّاً، عندما تكونون على رأس العمليّة التربويّة – التعليميّة، وإنّما أنتم في هذه اللحظة تسوّقون الأهداف المدرجة في الدور المسند لكم دستوريّاً وقانونيّاً.
لأنّكم لا تقدّمون رأياً في العملية التربويّة – التعليميّة، وإنّما تنفّذون استراتيجيّة الدولة، في هذه العمليّة!!..
-إنّ إصراركم المستمر، ومنذ توليكم مهامكم، على ربط المعرفة بالسوق، وتبعات السّوق وقوانينه وأحكامه، ودفع العمليّة التربويّة – التعليميّة، للدخول من خلالها.
ينطلق من عقليّة ومن مدرسة لا تخلوان من “اللّبرة” القاتلة والهدّامة، ولا تبتعدان كثيراً عن “خصخصةٍ” يحكمها المال، والحسابات الخاصّة، والمدارس الخاصّة، والتعليم الخاص!!..
-سيادة الوزير المحترم، ونحن نتابع رسالة استبيانكم المشكور عليها، خطر في ذهننا خاطرٌ هامٌّ جدّاً، وهو: أنّه إذا كانت العمليّة التربويّة – التعليميّة مرتبطة أخيراً بنسب تعلّم وسوق عمل.
لماذا لا نعفي الدولة من رصد عشرات المليارات من الليرات السوريّة لوزارتكم، خدمة للعمليّة التربويّة – التعليميّة، وتقومون بالمساهمة والإشراف على فتح بعض المدارس الخاصّة، نؤكّد الخاصّة، وتؤمِّنون من خلالها.
نسب تعلّم تحاكي نسب التعلّم في الاتحاد الروسيّ والولايات المتحدة الأمريكيّة، ونُنهي ما نعانيه وتعانيه الدولة، لتأمين هذه النسب من التعلّم؟!!..
-إنّ سياسة الوزارة اليوم، من خلال ما تعملون عليه من مخرجاتٍ مستَهدَفة، ومن سياسات تتجلّى واضحةً، في التركيز على العمليّة التربويّة – التعليميّة، من خلال الدفع والتشجيع على التعليم الخاص.
والإصرار على خطواتٍ خطيرة، مثل السعي إلى ترسيخ نهج تأجير بعض المدارس، ثمّ ابتعادكم عن الأهداف الحقيقيّة الدستوريّة والوطنيّة للدولة، يضعنا جميعاً في ريبةٍ وقلقٍ ممّا تعملون وتشتغلون عليه!!..
-ومن جديد وللمرة الثانيّة، نؤكد على أنّ وزارة التربيّة، تعمل خارج الأهداف الوطنيّة للدولة، لذلك فنحن نهيب بمؤسّسات الدولة المسؤولة.
التدخّل لمنع هذا الانهيار العميق في جسم العمليّة التربويّة – التعليميّة، والذي لن تكون تداعياته واضحةً بالنسبة لكثيرٍ منّا الآن، وإنّما سوف تنعكس لاحقاً، على مجمل حوامل الدولةِ، الوطنيّة والثقافيّة والاجتماعيّة والروحيّة.
والتي طالما كانت هدفاً من أهداف الفوضى الخلاّقةِ التي اشتغلت عليها قوى العدوان الكبرى، للنيلِ من سوريّة ووحدتها، والنيل من كثيرٍ من دول المنطقة وشعوبها!!..”.