وجد أن أكثر من ربع (25%) من السكان في البلاد المتقدمة تبعا للإحصائيات الطبية يعانون من الصداع المزمن. ويعتقد كثيرون بأن الصداع من الأمراض التي لا تحتاج إلى استشارة الطبيب.
ما زال التاريخ المرضي والمعلومات الخاصة بهذا المرض هو الوسيلة الأولى والفعالة في تشخيص نوع الصداع .
ويمكن الحصول على التاريخ المرضي بمجموعة من الأسئلة توجه إلى المريض. وتبدأ هذه الأسئلة بمعدل حدوث الصداع والمدة التي يستمر فيها حدوث الصداع وعلاقة وقت حدوث الصداع بالوقت على مدار اليوم ثم صفات هذا الصداع من حيث شكل الألم ومكانه ثم يسأل عن الظروف والملابسات التي تساعد على حدوث بداية الصداع وكذلك العلامات والإشارات التي تسبق حدوث الصداع أو تصاحبه .
ويعتبر الفحص الإكلينيكي أحد المكملات للتشخيص رغم ندرة العلامات التشخيصية أثناء الفحص في معظم حالات الصداع الحاد والمزمن ويشمل الفحص البدني والعصبي والحركي في منطقة الرأس والرقبة في محاولة لإيجاد إحدى الظواهر المرضية التي تشخص أسباب الصداع المرضية.
ومن وسائل التشخيص أيضا الفحوصات المختلفة مثل الاشعة المقطعية والفحص بالرنين المغناطيسي على الرأس والرقبة ويستخدم رسم المخ الكهربي في تشخيص حالات الصرع المصاحبة لحالات كثيرة من الصداع وكذلك حالات الصداع الناتجة عن زيادة النشاط الكهربي للمخ . ويمكن التحليل الكيميائي للدم أن يظهر بعض الحالات المرضية التي تؤدي إلى الصداع مثل حالات الفشل الكلوي أو الكبدي وحالات الأنيميا.
أنواع الصداع:
هناك العديد من أنواع الصداع التي يشكو منها المريض بصفة يومية أو مزمنة وقد يعاني الشخص الواحد من نوع أو أكثر من الصداع . وهذه الأنواع منها الصداع العصبي سواء العضلي أو الوعاني وصداع الجيوب الأنفية والصداع الناتج عن العين أو الأسنان والأذن والصداع ما بعد الإصابات والصداع الناتج عن ارتفاع الضغط داخل الجمجمة الحميد وغيره الكثير من أنواع الصداع التي يصعب وضعها تحت مسمى معين.
لقد كتبت كثير من الكتب والمراجع عن الصداع النصفي والصداع العنقودي وذلك لما يتميز به هذان النوعان من الصداع من شده الألم التي تؤثر على الحياه اليومية للإنسان.
الصداع العنقودي:
يعتبر الصداع العنقودي أكثر أنواع الصداع حدة وشدة في الألم ويعرف هذا النوع من الصداع بأسماء عده مثل الصداع النصفي الأحمر أو التهاب الأعصاب النصفي المتقطع وغيرها من الأسماء التي تصف كيفية حدوث الصداع أو زمنة أو شدته.
الصفات التشخيصية للصداع العنقودي:
يبدأ الصداع العنقودي في أواخر العشرينيات من العمر ولكن يسجل التاريخ الطبي لبعض الحالات حدوث الصداع العنقودي في السنوات الأولى من العمر وكذلك فب السبعينيات من العمر . ويصيب الصداع العنقودي الذكور أكثر من الاناث بنسبة قد تصل إلى الضعف.
وتأتي نوبات الصداع على هيئة مجموعات من الصداع تحدث مرة أو مرتين في السنة وتستمر النوبة لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر. وتعتبر دورية الصداع العنقودي من أهم علامات التشخيص حيث أن دورات حدوث الصداع ومده استمرار النوبة تقريبا ثابتة لا تتغير للشخص الواحد.
وخلافا للصداع النصفي المعروف لا توجد مقدمات لحدوث نوبة الصداع سواء بصرية أو عصبية. والصورة الثابتة للصداع العنقودي أن يأتي في نصف الرأس إلا أنه قد يتغير من جهة إلى أخرى من الرأس عند حدوث نوبة جديدة.
ويبدأ الصداع بطريقة حادة ومفاجئة ويتزايد الألم ليصل إلى قمة الألم خلال عشر أو خمس عشرة دقيقة . ويقع الألم غالبه في منطقة العين والصدغ ويشعر به المريض خلف العين وفوق وأسفل العين . وتستمر نوبة الألم حوالي خمس وأربعين دقيقة إلى الساعة ويصف المريض هذا الألم بالفظيع أو غير المحتمل . ويضرب هذا النوع من الصداع المريض في فترات منتظمة وقد يحدث ذلك في يوم معين من الأسبوع لمدة أسابيع.
ونظرا للنشاط الزائد للجهاز العصبي الجار سيمباثاوي أثناء الصداع العنقودي فقد تظهر بعض علامات هذا النشاط على المريض أثناء الصداع مثل تدميع العين واحتقان الملتحمة وانسداد الأنف واحتقان الوجه في الناحية التي تعاني من ألم الصداع. وترى بوضوح مريض نوبة الصداع العنقودي متوترا وغالبا ما يميل برأسه لأسفل ويمسك رأسه بشدة بين يديه.
ويبلغ 80% من مرضى الصداع العنقودي من المدخنين ولهم تاريخ سابق في شرب الكحوليات . ومما يضيف صعوبة في استخدام أدوية العلاج لهؤلاء المرضى أن الكثير منهم يعاني قرحة المعدة وارتفاع ضغط الدم وضيقا في الشرايين التاجية.
صور أخرى للصداع العنقودي :
الصورة التقليدية لتشخيص الصداع العنقودي أن تحدث النوبة وتستمر من سبعة أيام إلى سنة كاملة، وتبتعد عن النوبة التالية بأربعة عشر يوما على الأقل وتكون هذه الفترة خالية من الألم.
1- متلازمة الصداع العنقودي:
ويأتي فيها الصداع العنقودي مع التهاب العصب الخامس
2- الصداع الدوار:
وفيه يحس المريض بالدوار أثناء الصداع العنقودي ويختفي هذا الدوار مع اختفاء ألم الصداع.
3- الصداع العنقودي النصفي:
ويحدث هذا النوع من الصداع العنقودي عند مرضى معروفين بإصابتهم بالصداع النصفي.
4- شبيه الصداع العنقودي المصاحب لإصابات الجسم:
وهذا النوع من الصداع العنقودي يصاحب بعض الأمراض العضوية مثل أورام المخ وتشوهات الشرايين والأوردة داخل الرأس.
5- الصداع العنقودي المصاحب لإصابات الرأس والوجه:
وقد تكون العلاقة بين الإصابة والصداع غير واضحة.
أسباب الصداع العنقودي:
يزيد النبض في الشريان الصدغي مع زيادة تدفق الدم فيه بعد بداية نوبة الصداع العنقودي مما يعني أن الإصابة تبدأ في الجهاز العصبي وليس بدايتها في الأوعية الدموية.
ويمكن تلخيص أسباب الصداع العنقودي بحدوث إشارات عصبية عبر العصب الخامس تبدأ من الخلايا المركزية على مستوى المهاد في المخ وتكون نتيجة هذه الإشارات تمدد في الشرايين في منطقة الرأس خاصة الشرايين الصدغية.
علاج الصداع العنقودي:
أعراض الصداع العنقودي من الشدة التي تجعل المريض يعيش في خوف دائم من عودة هذه الأعراض بعد اختفائها، خاصة إذا كان المريض يعلم بدورية حدوث الصداع العنقودي. ويؤدي الخوف والرعب الذي يتملك المريض من احتمال عودة الصداع إلى حالة شديدة من الاكتئاب والتي قد تنتهي بمحاولات الانتحار.
ويشمل علاج حالات الصداع العنقودي العلاج عند بداية النوبة والعلاج الوقائي لمنع حدوث نوبة الصداع العنقودي وكذلك العلاج التداخلي بالحقن أو الجراحة.
1- استنشاق الأوكسجين:
يؤدي استنشاق الأوكسجين عن طريق قناع الوجه لمدة عشر دقائق إلى توقف نوبة الصداع العنقودي أو إلى تقليل شدة نوبة الصداع . ولكي يأتي استنشاق الأوكسجين بنتيجة طيبة يجب أن يبدأ استنشاق الأوكسجين مبكرا عند بداية النوبة ولذلك يجب أن تكون اسطوانة الأوكسجين مصاحبة لمريض الصداع العنقودي وجاهزة للاستخدام بصورة دائمة.
2- عقار الارجوتامين:
ويظل عقار الارجوتامين الأقوى والأكثر تأثيرا في علاج حالات الصداع العنقودي. ويؤدي استنشاق الارجوتامين إلى توقف نوبة الصداع خاصة إذا استنشق خلال خمس دقائق من بداية النوبة . وحين يستخدم عقار الارجوتامين تحت اللسان يكون مؤثرا في 35 % من المرضى خلال أربع إلى تسع دقائق وفي 65% من المرضى خلال عشر إلى خمس عشرة دقيقة.
وتتراوح الأعراض الجانبية لاستخدام الارجوتامين من الشعور بالغثيان إلى القيء إلى التنميل في الأطراف إلى تقلصات عضلات الأرجل إلى عدم التركيز العقلي أخطرها تقلص الشرايين التاجية مع حدوث الذبحة الصدرية.
3- عقار الدي هيدروإرجوتامين:
يتميز هذا العقار بتوافر الحقن العضلي والوريدي منه مما يعطي فرصة لسرعة الامتصاص والأداء . وتعتبر طريق عمل هذا العقار غير معلومة بالتفصيل ويفترض انه يعمل على الجهاز العصبي المركزي خاصة خلال المخيخ الأوسط.
4- أدوية التخدير الموضعي :
عندما ترش أدوية التخدير الموضعي على الغشاء المخاطي للأنف فإنها تعطي نتائج إيجابية في إيقاف حده نوبة الصداع العنقودي . ويستخدم عقار الليدوكين 2% أو الكوكايين 10 % في هذا الغرض.
5- الكورتيزونات :
حين يتم حقن 30 مجم من عقار البريدنيسون في العضل تعطي استجابة عظيمة في علاج آلام الصداع العنقودي قد يمتد إلى عشرة أيام أو أكثر.
6- الأدوية المسكنة للأم :
يستمر بعض الألم في الرأس بعد اختفاء نوبة الصداع العنقودي مما قد يحتاج المريض إلى الأدوية المسكنة للألم لعلاج الألم المتبقي في الرأس. إلا أنه من المعروف نوبة الصداع العنقودي تستمر حوالي 45 دقيقة ولا ينصح باستخدام الأدوية بعد اختفاء النوبة.