أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن أي إصلاح دستوري في سورية ينبغي أن يكون من خلال استفتاء وطني وسيكون هذا الأمر سوريا بالكامل ولن يتعلق بإرادة الأمم المتحدة أو الدول الأجنبية وأن العملية السياسية ستكون عملية سياسية سورية صرفة.
وأوضح الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة (NTV) الروسية أن الحرب في سورية ليست حرباً أهلية وأن الحرب أصبحت الآن دولية لأنها بدأت كذلك، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة أرادت إعادة رسم خريطة العالم سياسياً وربما عسكرياً وأن سورية كانت أحد ميادين المعارك الرئيسية في إعادة رسم هذه الخريطة، مبيناً أن التحدث إلى الأمريكيين ومناقشتهم الآن دون سبب ودون تحقيق شيء مجرد إضاعة للوقت.
وشدد الرئيس الأسد على أن الصداقة بين سورية وروسيا قضية بعيدة المدى وتمتد لستة عقود، لافتاً إلى أن وجود روسيا عسكرياً وسياسياً في سورية وفي الشرق الأوسط مهم جداً للمحافظة على التوازن الدولي ولمحاربة الإرهاب.
وجدد الرئيس الأسد التأكيد أن سورية لا تمتلك أي أسلحة كيميائية منذ عام 2013 وأن الغرب يستخدم رواية استخدام الكيميائي فقط عندما يهزم عملاؤه الإرهابيون في سورية كذريعة للتدخل مباشرة عسكرياً لمهاجمة الجيش السوري ولتقديم الدعم للإرهابيين.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة..
السؤال الأول:
سيادة الرئيس، يمكننا الآن أن نلخص بعض الأوضاع، فقد هزم “داعش” تقريباً وباتت دمشق آمنة تقريباً وتحت سيطرة القوات الحكومية، وتقومون حتى الآن ببعض العمليات في الجنوب والشرق، هل لكم أن تخبروني الآن بصفتكم رئيساً بحكم المنصب، وطبيباً بحكم الدراسة، كيف حدث ذلك؟ كيف فاتكم الانتباه للأعراض الأولى لهذا الغزو الذي تعرضت له بلادكم، وخاصة أنكم تصفونه بالغزو، كيف حدث ذلك؟
الرئيس الأسد:
ينبغي أن نميز بين الأعراض الداخلية والأعراض الخارجية، فيما يتعلق بالأعراض الداخلية، فنحن لدينا مشاكل كأي مجتمع آخر في منطقتنا، لأننا جزء من هذه المنطقة ونحن نبحث دائماً هذه المشاكل، ربما قصرنا في حل بعضها قبل الحرب، وربما لا، فهذا أمر يمكن لكل سوري أن يراه من منظور ذاتي مختلف، لكن إذا أردت التحدث عن العامل الخارجي، وهو عامل مهم جداً في التسبب بهذه الحرب -لأنه لم تندلع حرب مشابهة في أي بلد آخر في هذه المنطقة- رغم أن مجتمعاتنا متشابهة، وهناك مشاكل أسوأ كما هو الحال في دول الخليج، حيث لا حرية هناك على الإطلاق، سواء بالنسبة للنساء أو للناس أو لأي شيء آخر، فإذا كان هذا هو السبب -على سبيل المثال- لأن الشعار الذي طرح في البداية هو الحرية، فلماذا لم تبدأ الحرب في تلك الدول؟ وبالتالي فإن ما حدث فعلياً لم يكن داخلياً، لأن نفس المشاكل موجودة منذ عقود، بل إن بعضها موجود منذ قرون، هذا الذي لم يكن واضحاً بالنسبة لنا، وهو العامل الخارجي، نحن لم نره لأن هذا المخطط لم يوضع في سورية بل في بعض الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بشكل أساسي، بعض الدول التابعة مثل تركيا والسعودية وقطر كانت تخطط وترسل الأموال منذ البداية، بعد أن فشلت في خلق ثورة عفوية، إذا جاز التعبير، هنا بدؤوا بإرسال الأموال وهنا بدأت المشكلة، وكان ذلك واضحاً لنا منذ البداية لكن ربما لم نستطع السيطرة عليها.
السؤال الثاني:
لكن لماذا لم تتمكنوا من رؤية بعض الأشياء على سبيل المثال، عندما ذهبتم إلى الغوطة قبل أشهر، رأيتم أنفاقاً في كل مكان تم حفرها من قبل مهندسين وآلات ضخمة وبلدوزرات، كيف لم تتمكنوا من رؤية ذلك؟ هل لديكم أي تفسير الآن؟ أي كيف تمكنوا من بناء هذه المدن تحت الأرض؟
الرئيس الأسد:
طبعاً، ربما تمكنوا من استخدام الأدوات التي كانوا يمتلكونها أصلاً في تلك المنطقة، سواء تلك التي سرقوها من الحكومة، أو من الشركات الخاصة، أو غير ذلك، كما أنهم كانوا يتلقون الدعم القادم من الأردن عبر الصحراء ومباشرة إلى الغوطة، ولا يستطيع أحد أن يسيطر على الصحراء أو يراقبها، ونحن لا نمتلك بالطبع وسائل مثل الأقمار الصناعية التي تمكننا من رؤية كل هذا، في الوقت نفسه عندما بدؤوا بالحفر بدؤوا بالحفر تحت المدن، وهو ما لا نستطيع رؤيته.
السؤال الثالث:
عندما ذهبتم إلى الغوطة الشرقية التقيتم أشخاصاً كان بإمكانهم أن يثبتوا أنهم رأوا كيف قصفت “جبهة النصرة” مناطقهم بالسلاح الكيميائي، لقد رأيتم كل هذه البزات الواقية من السلاح الكيميائي في غرف كانت تستخدم مقرات لـ “جبهة النصرة”، لكن الغرب يقول بأنكم سممتم شعبكم بالأسلحة الكيميائية، لماذا يحدث ذلك؟ لماذا لا يصغي أحد لهؤلاء الناس؟ ولماذا يصر الغرب على ذلك؟
الرئيس الأسد:
لأن رواية الأسلحة الكيميائية هي جزء من روايتهم الرئيسية ضد الحكومة السورية، لكنهم يستخدمون هذه الرواية فقط عندما تهزم قواتهم، أي عملاؤهم الإرهابيون، في مناطق معينة في سورية، يستخدمون هذه القصة أو هذه الرواية ذريعة للتدخل مباشرة عسكرياً لمهاجمة الجيش السوري، هذا ما حدث مرات عدة، وهم دائماً يستخدمون هذه القصة فقط عندما يهزم عملاؤهم الإرهابيون، إذاً منطقياً -ناهيك عن حقيقة أننا لا نمتلك أي أسلحة كيميائية وقد تخلينا عنها-.
الصحفية:
ليس لديكم أي أسلحة كيميائية؟
الرئيس الأسد:
لا، ليس لدينا أي أسلحة كيميائية منذ العام 2013 لكن بصرف النظر عن ذلك، منطقياً حتى لو كنت تمتلكين هذه الأسلحة ينبغي أن تستخدميها على الأقل عندما تهزمين، وليس عندما تكسبين الحرب، ما يحدث في الواقع هو أنه كلما نكسب يستخدمون هذه الذريعة، إذاً هذا غير منطقي لكنه يستخدم ذريعة لتقديم الدعم للإرهابيين في سورية.
السؤال الرابع:
هل ثمة طريقة لمنع كل هذه الاستفزازات؟ وزارة الدفاع الروسية قالت مؤخراً إن هناك استفزازات يجري تحضيرها في دير الزور، كيف يمكن وضع حد لذلك؟
هذا غير ممكن، لأنه ليس نتيجة للواقع، بل نتيجة لخيالهم ووسائل إعلامهم، فقد تمت فبركته في وسائل إعلامهم وفي بلدانهم ومن ثم انتشر إلى سائر أنحاء العالم عبر الانترنت أو عبر مختلف وسائل الإعلام، وبالتالي لا يمكن منع هذا الاستفزاز، الأمريكيون يختلقون الأكاذيب ومن ثم يهاجموننا مباشرة، عندما لا يكون هناك قانون دولي يحترم، وعندما لا يكون هناك مؤسسات فعالة للأمم المتحدة، لا تستطيعين الحديث عن منع الاستفزازات، فقد بات العالم بأسره غابة.
السؤال الخامس:
إنكم تكسبون الحرب، حيث تسيطرون على معظم أنحاء البلاد، لكن هناك في سورية العديد من اللاعبين الذين لهم مصالحهم، أمريكا تتفاوض مع تركيا حول منبج، و”إسرائيل” تتفاوض في مكان ما، والإيرانيون يتفاوضون، وللأكراد مصالحهم الخاصة، كيف يمكن تسوية كل ذلك والمحافظة على سورية موحدة؟ الآن تبدو سورية ممزقة، كيف يمكن وقف ذلك؟ وخاصة أن شعاركم الأساسي هو سورية واحدة لشعب موحد.
الرئيس الأسد:
إذا أردت الحديث عن أن سورية ممزقة فإنك تتحدثين عن الجغرافيا وليس عن المجتمع، فالمجتمع موحد، وبالتالي ليس لدينا مشكلة في هذا الصدد، يمكننا أن ننظر إلى سورية على أنها موحدة طالما ظل الناس موحدين، أما فيما يتعلق بتمزق البلاد فهذا احتلال، حيث يتم احتلال أجزاء مختلفة من سورية من قبل الإرهابيين وبدعم من الغرب، بشكل أساسي من الولايات المتحدة وحلفائها، إذا أردت الحديث عن مستقبل سورية، فإننا لا نأخذ ذلك في الاعتبار، فيما يتعلق بالعملية السياسية، فإنها ستكون عملية سياسية سورية صرفة، نحن لا نأخذ بالاعتبار مصالح أي بلد آخر فيما يتعلق بأمر داخلي، إذا تحدثت عن الحرب، فإنها أصبحت الآن حرباً دولية لأنها بدأت كذلك، في الواقع فإن الأمر لم يكن يتعلق فقط بالحكومة السورية، الحكومة السورية مستقلة، ونحن لدينا علاقات جيدة مع روسيا والصين وبلدان أخرى، الولايات المتحدة أرادت إعادة رسم خريطة العالم سياسياً وربما عسكرياً، وبالتالي فقد كانت سورية أحد ميادين المعارك الرئيسية في إعادة رسم هذه الخريطة، على الأقل في الشرق الأوسط، ولذلك فعندما تتحدثين عن تلك المصالح تجدين أن هذه معركة بين هذه القوى، القوة الأولى هي الولايات المتحدة وحلفاؤها الذين يدعمون الإرهابيين بهدف بسط الهيمنة، القوة الأخرى هي روسيا وحلفاؤها، وهدفهم محاربة الإرهاب واستعادة القانون الدولي.
السؤال السادس:
لماذا اختيرت سورية لهذه اللعبة؟
الرئيس الأسد:
لعدد من الأسباب المختلفة، سورية جزء من مجموعة دول تعد دولاً مستقلة، سورية وإيران وكوريا الشمالية والآن روسيا بوصفها بلدا مستقلا، الغرب لا يقبل بأي موقف مستقل، أمريكا لا تقبل أي موقف أوروبي مستقل ولهذا السبب لديكم في روسيا مشكلة مع الولايات المتحدة، لأنكم أردتم أن تكونوا مستقلين، وهم لا يقبلونكم، فحتى لو كنتم قوة عظمى أم لا، لا يمكن لكم أن تكونوا مستقلين، هذا هو السبب الأول، ونحن بلد صغير، فكيف لنا أن نقول لا ونعم؟ علينا أن نقول نعم وحسب، السبب الثاني يتمثل في الموقع الجيوسياسي لسورية والدور التاريخي للمجتمع السوري، فرغم أن سورية بلد صغير جداً فهي تقع على فالق زلزالي اجتماعي بين الطوائف والإثنيات المختلفة، وعندما تسيطرين على هذه المنطقة تستطيعين السيطرة على باقي أنحاء الشرق الأوسط، لهذا السبب فإن الصراع على سورية بدأ خلال عصر الفراعنة، ووقعت أول معاهدة في العالم في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وكانت بين الفراعنة والحتيين القادمين من الجنوب والشمال، تصارعت تلك القوتان على سورية، ومن ثم وقعتا أول معاهدة في التاريخ، وبالتالي فإن الموقع الجيوسياسي لسورية مهم جداً، فالتحكم بسورية كان هدفاً للقوى العظمى منذ ذلك الوقت وحتى الآن، إذاً لا يهم إذا كانت سورية صغيرة أم كبيرة، فهي مهمة في كل الأحوال.
السؤال السابع:
ما الذي تتوقعونه من روسيا في هذه الحالة؟ فهناك العديد من اللاعبين الذين قلتم إن عليهم جميعاً مغادرة سورية، وقلتم إن الدولة السورية ستطلب يوماً ما من الجميع مغادرة هذه الأرض، ما الذي تتوقعونه من روسيا في هذه الحالة؟ فنحن حلفاء وأصدقاء.
الرئيس الأسد:
الصداقة قضية بعيدة المدى بين سورية وروسيا، وتمتد لستة عقود لكننا وقعنا المعاهدة العسكرية منذ أكثر من أربعة عقود، لدينا توقعان، الأول هو أن لسورية وروسيا مصلحة في محاربة الإرهاب وهزيمته، في سورية وفي روسيا وفي كل مكان من العالم، هذا أول توقعاتنا وأهدافنا، التوقع الثاني بعيد المدى، فروسيا مهمة جداً للمحافظة على التوازن الدولي الذي فقدناه منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وبالتالي فإن وجود روسيا عسكرياً وسياسياً هنا في سورية وفي الشرق الأوسط وفي باقي أنحاء العالم مهم جداً للمحافظة على هذا التوازن، إن المحافظة على هذا التوازن مهم جداً ليس لروسيا نفسها وللقوى العظمى وحسب، بل مهم للدول الأصغر مثل سورية، هذا ما نتوقعه من روسيا على كلا المستويين، أي محاربة الإرهاب والمحافظة على التوازن الدولي.
السؤال الثامن:
لقد ذهبتم إلى الغوطة الشرقية ورأيتم مدى الدمار الذي حل بها، وكما أعرف فأنتم بحاجة لـ 400 مليار دولار لإعادة إعمار البلد، لكن الغرب يصرح بأنه لن يدفع سنتاً واحداً ما دمتم في السلطة، ما الذي تستطيعون فعله في هذه الحالة إذ لا بد لكم من إعادة إعمار البلد بأكمله؟
بصراحة، هذا أفضل تصريح غربي خلال هذه الحرب، وهو أنهم لن يكونوا جزءاً من إعادة الإعمار في سورية، لأننا ببساطة شديدة لن نسمح لهم أن يكونوا جزءاً منها، سواء أتوا بالمال أم لا، وسواء أتوا بقرض أو بمنحة أو بتبرع أو بأي طريقة كانت، نحن لسنا بحاجة للغرب، الغرب ليس نزيهاً على الإطلاق، هو لا يعطي، بل يأخذ وحسب، أولاً نحن لم نبن سورية عبر تاريخنا بالأموال الأجنبية، بل بنيناها بأموالنا وبمواردنا البشرية، ورغم الحرب، ما يزال لدينا الموارد البشرية لإعادة بناء كل قطاع في بلادنا، لسنا قلقين بشأن ذلك، فيما يتعلق بالأموال، لم يكن لدينا أي ديون قبل الحرب، لأننا بنينا بلدنا من خلال بعض القروض التي حصلنا عليها من أصدقائنا، ليس لدينا أموال، لكن يمكننا الحصول على القروض من أصدقائنا، ومن السوريين الذين يعيشون في الخارج، ومن السوريين الذين يعيشون في الداخل، وكذلك من أموال الحكومة، ولذلك نحن لسنا قلقين بهذا الشأن، قد يستغرق ذلك وقتاً أطول، لكننا لسنا قلقين على الإطلاق بشأن إعادة إعمار سورية، لا تنسي أن عملية إعادة الإعمار بعد الحرب -وأنت تتحدثين عن 400 مليار دولار أكثر أو أقل فهذا رقم تقريبي- هي اقتصاد كامل وسوق كامل واستثمار كامل، وبالتالي فإن الأوروبيين الذين يتحدثون عن القدوم إلى سورية لإعادة الإعمار لا يأتون لمساعدة سورية، بل للحصول على المال، وقد بدأت عدة شركات أوروبية بالتواصل معنا لفتح الباب أمامها للقدوم والاستثمار في سورية.
الصحفية:
بشكل سري؟
الرئيس الأسد:
طبعاً، بشكل سري لكن بدعم من حكوماتهم، إذاً هم الذين بحاجة لهذا السوق لأنهم في وضع اقتصادي سيئ جداً منذ العام 2008 معظم الدول الأوروبية بحاجة للعديد من الأسواق، وسورية أحدها، ونحن ببساطة شديدة، لن نسمح لهم بأن يكونوا جزءاً من هذا السوق.
السؤال التاسع:
عندما نتحدث عن استعادة كامل البلاد، فإن هذا يعني استعادة الثقة والصداقة بين الناس، فنحن نستطيع أن نرى ما وقع على أنه جزئياً حرب أهلية، عندما يطلق الأخ النار على أخيه بسبب وجهات النظر الدينية المختلفة، أو أي وجهات نظر أخرى، في هذا الصدد بدأتم بتشكيل لجنة دستورية، وقدمت المعارضة قائمة بأسماء مرشحيها للجنة الدستورية، هل ستترشحون للفترة الرئاسية القادمة؟ أو كيف ستستعيدون البنية السياسية لبلادكم؟
الرئيس الأسد:
أولاً، ليس لدينا حرب أهلية، لأن الحرب الأهلية ينبغي أن تقوم على خطوط طائفية، خطوط إثنية، خطوط دينية، وما إلى ذلك، هذا غير موجود في سورية، يمكنك أن تذهبي إلى أي مكان، خصوصاً في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة حيث تستطيعين رؤية كامل طيف المجتمعات السورية الغنية موجودة والناس يعيشون مع بعضهم بعضاً، في الواقع -وهذا ليس من قبيل المبالغة، بل حقيقة- فإن الحرب كانت درساً مهماً جداً، إذاً هذا المجتمع المتنوع أصبح موحداً أكثر مما كان قبل الحرب، لأننا تعلمنا الدرس، في حين أنك إذا ذهبت إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين، فستجدين أنهم لا يعكسون لوناً واحداً من هذا المجتمع، في الواقع فإنهم يعكسون فقط حاضنتهم والناس الذين ليس لديهم أي خيار آخر سوى أن يعيشوا في تلك المناطق، ولذلك ليس لدينا أي مخاوف بشأن الحرب الأهلية، المسألة ليست أن الناس يطلقون النار على بعضهم بعضاً، هؤلاء مرتزقة، هؤلاء إرهابيون، لديكم إرهابيون في بلادكم، في روسيا وهم روس، لكنهم لا يمثلون جزءاً من المجتمع، بل يمثلون أيديولوجيتهم، الوضع هو نفسه في سورية، إذاً فيما يتعلق بتوحيد الناس، ليس لدينا مشكلة في ذلك، فيما يتعلق بالرئاسة، ثمة عاملان، العامل الأول هو إرادتي، وإرادتي ستستند إلى العامل الثاني وهو إرادة الشعب السوري، ما يزال أمامنا ثلاث سنوات، في ذلك الوقت، أي في العام 2021 هل سيكون الشعب السوري مستعداً للقبول بذلك الشخص بذلك الرئيس أو لا؟ إذا كان الجواب بلا فما الذي أفعله بالرئاسة؟ لا أستطيع فعل شيء، لا أستطيع النجاح، لا أستطيع أن أعطي بلادي أي شيء، وبالتالي فإن الجواب سيكون لا، وإذا كان الجواب نعم فعندها سأفكر في الأمر، لكن ما يزال ذلك مبكراً، ما يزال أمامنا ثلاث سنوات حتى ذلك الوقت.
الصحفية:
لكن ماذا عن كل هذه الإصلاحات الدستورية التي طلبتها الأمم المتحدة؟
أجرينا إصلاحات في العام 2012 والآن هناك مؤتمر سوتشي، وسيناقشون الأمر، إن إقرار أي إصلاح دستوري لا يتعلق بالرئيس، ولا يتعلق بالحكومة، بل بالشعب السوري، ولذلك إذا كنا سنجري أي نوع من التعديل أو التغيير أو أي شيء آخر فينبغي أن يكون ذلك من خلال استفتاء وطني، إذا أجري استفتاء وطني وعبر الناس عن دعمهم لدستور جديد فإننا سنفعل ذلك بالطبع، لكن هذا لا يتعلق أبداً بإرادة الأمم المتحدة أو الدول الأجنبية، سيكون هذا الأمر سورياً بالكامل، إذا لم يرغب السوريون بأي تغيير فلن يكون هناك أي تغيير على الإطلاق.
السؤال العاشر:
أحد اللاعبين الرئيسيين يتمثل في الولايات المتحدة، وقد اجتمع ترامب مع كيم في سنغافورة، إيران قالت مؤخراً، لن نجتمع مع ترامب، لأن كيم ليس مسلماً وهو لا يفهم ما يجري، لن نتحدث إلى ترامب أبداً، بالنسبة لكم، هل ستجتمعون مع ترامب بشكل مباشر أو غير مباشر إذا كان ذلك ضرورياً؟ هل تعتقدون أنه من الضروري بالنسبة لكم أن تتحدثوا إلى ترامب؟
الرئيس الأسد:
نعتقد أن النقاش أو التحدث أو التفاوض مع الخصم أو أي شخص آخر بالطبع هو أمر مثمر لكن في هذه الحالة، ومنذ مفاوضاتنا الأولى مع الولايات المتحدة في العام 1974 فإننا لم نحقق أي شيء في أي موضوع، المشكلة مع الرؤساء الأمريكيين هي أنهم رهائن لمجموعات الضغط لديهم، لوسائل الإعلام الرئيسية، للشركات الكبرى، المؤسسات المالية، شركات النفط والأسلحة، إلخ، وبالتالي يستطيعون أن يقولوا لك ما ترغبين بسماعه، لكنهم سيفعلون العكس، هذا هو الحال، وهو يزداد سوءاً وترامب مثال صارخ على ذلك، وبالتالي فإن التحدث إلى الأمريكيين ومناقشتهم الآن دون سبب، ودون تحقيق شيء، مجرد إضاعة للوقت، لا يسعدنا التحدث إلى الأمريكيين لمجرد أنهم أمريكيون، نحن مستعدون للنقاش مع أي طرف يثمر النقاش معه، ولا نعتقد أن السياسة الأمريكية ستكون مختلفة في المستقبل المنظور، وبالتالي مرة أخرى، سيكون ذلك مضيعة للوقت الآن.
السؤال الحادي عشر:
كلما فكرت بسورية، أتذكر أنكم طبيب من حيث المهنة، وأنكم عشتم في لندن لمدة طويلة، واندمجتم في ذلك المجتمع، والآن يعتبركم ذلك المجتمع رمزاً للشر على الأرض، والجميع هناك-الصحف والسياسيون- يقولون إنكم سممتم شعبكم بالأسلحة الكيميائية وإنكم تفعلون كل هذه الأشياء المروعة لمواطنيكم، كيف تشعرون حيال هذا؟ أو هل يفرض هذا عليكم وعلى عائلتكم أي ضغوط عاطفية؟ كيف تشرحون لهم ما يحدث؟
في الواقع، ومن الناحية العاطفية، فإننا نعيش مع الكارثة في سورية منذ سبع سنوات، وبالتالي عندما يكون لديك كارثة أكبر، لن تشعري بالضغط الأقل شأناً، أعني أن كل قطرة دماء تراق من أي شخص سوري ستحدث عواطف أكبر بكثير من روايتهم المزيفة، هذا أولاً، ثانياً، عندما تعرفين أنهم يكذبون، فإنك لا تشعرين بأي شيء عاطفي، يمكن أن تشعري بشيء عندما يكون هناك نقد ذو مصداقية يستند إلى حقائق وقصص مقنعة، في هذه الحالة يمكن أن تشعري ببعض الألم أو الضغط العاطفي، المشكلة في الغرب هي أنه لم يعد لديهم رجال دولة، والبديل من رجال الدولة الحقيقيين والسياسة الحقيقية هو السياسة الزائفة، والسياسة الزائفة بحاجة لقصص زائفة، والقصص حول الأسلحة الكيميائية جزء من هذه القصص الزائفة، في الواقع، فإن السياسة الغربية -وأنا لا أتحدث عن الناس، بل عن السياسيين وحسب- ليس لديهم أخلاق على الإطلاق ولا قيم، بالتالي عندما تتعاملين مع أشخاص لا قيم ولا أخلاق لهم فإنهم لا يثيرون أي شيء في قلبك أو في عقلك.
السؤال الثاني عشر:
السؤال الأخير هو أننا في كل مرة نذهب إلى الغوطة الغربية نرى شعارات تركها “داعش” أو “النصرة” تقول: “سنعود”، بالنسبة لنا، هذا مخيف، لأننا أنفقنا الكثير من المال، وفقدنا العديد من الأشخاص في سياق دعمنا لسورية في صراعها مع “الخلافة” إذاً، بالنسبة لنا من المخيف أن تتمكن من العودة يوماً ما، ما تقديركم؟
الرئيس الأسد:
أولاً، هذه أيديولوجيا ظلامية تم الترويج لها في سائر أنحاء العالم على مدى العقود الخمسة الماضية تقريباً، لأن ذلك بدأ في أواخر الستينيات، وليس فقط في التسعينيات أو ما بعدها، وبشكل رئيسي على يد الوهابيين السعوديين، وبالطبع بدعم من الولايات المتحدة والغرب عموماً، وبالتالي، فإن هذا خطر ديني مدعوم سياسياً، فهو الأمران معاً، هذا ليس أمراً عفوياً، سيعودون، بالطبع، لأنه سيتم استخدامهم مرة بعد مرة من قبل القوى الغربية، لكن ربما تحت تسميات مختلفة، لقد وجدت تلك القوى في أفغانستان قبل ثلاثين عاماً، وأطلق ريغان على أفرادها اسم “المجاهدين”، ولم يسمهم إرهابيين، الآن، يسمونهم إرهابيين، لكنهم يستخدمون أولئك الإرهابيين، ربما بعد عشر سنوات، سيتم استخدامهم في مكان آخر من هذا العالم تحت علامة تجارية مختلفة، إنه نفس المنتج لكنهم يعيدون تسويقه تحت مسمى جديد، إذاً إنها أداة غربية، ولذلك فإن السؤال عن الشعور بالخطر صحيح، هذا أولاً، ثانياً، أنت محقة بالشعور بهذا القلق، حتى في روسيا، ليس لأنكم فقدتم أشخاصاً في سورية، بل لأنه لديكم نفس الإرهاب في روسيا، كيف أنظر إلى هذا؟ إذا نجح أولئك الإرهابيون في روسيا، فسأكون في خطر، سيأتون إلى سورية وإلى بلدان أخرى، وبالعكس، إذاً أنتم تدافعون عن السوريين، لكنكم تدافعون عن الروس، وبالتالي فقد دفعتم الثمن في سورية من خلال دفاعكم عن السوريين، لكنكم تدافعون عن الروس أيضاً، لأن الإرهاب لا حدود سياسية له، بالنسبة لهم، فإنه ميدان معركة واحد يمتد من روسيا إلى سورية، وربما إلى اندونيسيا، وربما إلى المغرب على المحيط الأطلسي.
السؤال الثالث عشر:
كيف تستطيعون وقف الاحتلال في الشمال السوري، فهذا الاتفاق بين أمريكا وتركيا ينفذ على أراض سورية؟
الرئيس الأسد:
لقد تبنينا مقاربتين، المقاربة الأولى والرئيسية كانت المصالحة، وقد نجحت، بهذه الطريقة تمكنا من استعادة مناطق عدة إلى وضعها الطبيعي حيث يعيش الناس حياة طبيعية وتسيطر الحكومة على حياة الناس من خلال المؤسسات، المقاربة الأخرى تتمثل في قتال الإرهابيين عندما لا يستسلمون وينضمون للمصالحة، سنقاتلهم ونبسط سيطرتنا بالقوة، ليست هذه طريقتنا المفضلة، لكنها الطريقة الوحيدة لاستعادة السيطرة على البلاد.
الصحفية:
لكن يبدو هذا وكأنهم فصلوا الأجزاء عن بعضها وقسموها فيما بينهم، أعني الأمريكيين والأتراك يعتبرون المنطقة التي تسيطر عليها.
لا تصدقي ذلك، فالأمريكيون يسيطرون على كل شيء، إنهم يسيطرون على تركيا، وأمريكا أرسلت تركيا، وأمريكا منعت تركيا قبل خمس سنوات عندما أراد أردوغان غزو سورية، لماذا؟ لأن الإرهابيين حينذاك كانوا يحققون نجاحات، كانوا يتوسعون، وبالتالي ما حاجتهم إلى أردوغان؟ عندما بدأ الإرهابيون بالتراجع، قالوا لأردوغان: الآن يمكنك أن تتدخل لأن الأوضاع باتت أفضل بالنسبة للسوريين والروس ولإيران وللمجموعات التي تحارب الإرهابيين، ولذلك يستحسن أن تتدخل لإحداث الفوضى مرة أخرى، وهذا ما يحدث، لكن كل هذه المناطق تحت سيطرة الولايات المتحدة ولا أحد سواها.
الصحفية:
تعني أنه لهذا السبب يفرضون ضغوطاً كبيرة على إيران؟
الرئيس الأسد:
تماما، ولأسباب مختلفة، لكن في المحصلة فإنهم يسيطرون على “داعش” في الشرق ودعموا “داعش” في الشرق ودعموا “جبهة النصرة” في إدلب في الشمال الغربي، ودعموا “داعش” و”النصرة” وفصائل أخرى في الجنوب، الأمريكيون يفعلون ذلك لكنهم يعطون أدواراً مختلفة لدول مختلفة، أحياناً يطلبون ذلك من الأتراك، وأحياناً من السعوديين، وأحياناً من القطريين وهكذا، لكن كل تلك الدول، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا جميعها دمى وتوابع أمريكية، كي نكون في غاية البساطة والوضوح.