Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبارحول العالمسياسة
أخر الأخبار

تواجه الحكومة الفدرالية تحديات من الكونفدرالية السابقة في تكساس، حيث توجد أسباب للتمرد تتجاوز الأسباب المعلنة.

الولاية التي عاشت عدة فترات تاريخية، من إسبانيا إلى المكسيك، ثم أصبحت جزءًا من ولاية أمريكية، والآن تسعى مجددًا للاستقلال في ظل الانقسام الحاد في الولايات المتحدة. هل ستشهد الولايات المتحدة حربًا أهلية ثانية مشابهة للحرب الأولى؟

تكساس – وكالة الآن الإعلامية

عندما تبحث في تاريخ الولايات المتحدة، وتحديداً أسباب اندلاع الحرب الأهلية، تجد أن “إلغاء العبودية” كان سبباً أساسياً في ذلك.

بعد قرن و64 عاماً، تعود الحرب الأهلية الأميركية إلى الأذهان، بعد أن ارتفع خطر نشوبها في الولايات المتحدة، في إثر إعلان ولاية تكساس عزمها الانفصال، مع تجدد الخلافات بشأن “أمن الحدود”  وملف المهاجرين.

العبودية ورفض دخول المهاجرين أمران اتسمت بهما الولايات الأميركية الجنوبية. وكما كان الأول سبباً في اندلاع الحرب، قد يكون الثاني كذلك.

أزمة المهاجرين هي السبب المباشر في الأحداث الأخيرة في تكساس. أمّا الأسباب غير المباشرة فتتمثل بصراع جذري بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فضلاً عن تاريخ انفصالي للولاية.

ماذا حدث في تكساس؟

بدأت الأحداث في تكساس، بعد أن صوّتت المحكمة العليا الأميركية بالسماح لعملاء حرس الحدود الفيدراليين بإزالة حاجز الأسلاك الشائكة المثبّت عند حدود الولاية بمبادرة من حاكم الولاية الجمهوري لمنع “المهاجرين غير الشرعيين” من دخول الولاية.

رفض حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت الانصياع لأوامر المحكمة العليا. وقرر نشر قوات الحرس الوطني، مطلع كانون الثاني/يناير الجاري، من أجل منع وصول الشرطة الفدرالية إلى المنطقة الحدودية لتنفيذ قرار المحكمة، إلا أنّ عناصر حماية الحدود الفيدراليين أعربوا عن استعدادهم لاختراق السياج.

وتواجه المدن الأميركية عند الحدود مع المكسيك، والتي يبلغ طولها 3100 كيلومتر، تدفقاً كبيراً لمجموعات المهاجرين. وذكرت بيانات رسمية أنّ عدد المهاجرين بلغ، في الأشهر الأخيرة من عام 2023، نحو 10 آلاف يومياً.

دعم جمهوري

وحظي حاكم ولاية تكساس، في تصعيده في وجه الإدارة الأميركية، بدعم كل حكام الولايات الجمهورية، وأكّد أنّه يسعى لوقف ما يصفه بـ”الغزو” من جانب “المهاجرين غير الشرعيين”، وهو “ما يشجع عليه بايدن”، بحسب تعبيره.

وتعهّد حكام جمهوريون لـ25 ولاية تقديم دعمهم إلى حاكم تكساس والسلطة الدستورية في الولاية، من أجل “الدفاع عن نفسها”، بما في ذلك وضع أسوار الأسلاك الشائكة لتأمين الحدود.

وجاء، في البيان المشترك للحكام المحافظين: “نحن نفعل ذلك جزئياً لأن إدارة بايدن ترفض تطبيق قوانين الهجرة الموجودة بالفعل، وتسمح، بصورة غير قانونية، بالإفراج المشروط الجماعي في جميع أنحاء أميركا عن المهاجرين الذين دخلوا بلدنا بطريقة غير قانونية”.

وقال كيفن ستيت، حاكم أوكلاهوما، وهو أحد الحكّام الـ25 الذين وقّعوا البيان: “الآن، لديك العملاء الفدراليون الذين يقطعون الأسلاك، ثم لديك الحرس الوطني في تكساس، والذي لديه أوامر بوضع الأسلاك. هذا برميل بارود يستحق التوتر. إنها حالة غريبة جداً، ونحن نقف بالتأكيد مع تكساس في حقها في الدفاع عن نفسها”.

ما وراء الحدث.. ترامب وبايدن ومنافسة على الرئاسة

وكان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، دعا إلى مكافحة مشكلة الهجرة غير النظامية عند الحدود الجنوبية، وهي قضية قال الجمهوريون إن بايدن يفشل في التعامل معها، بصورة صحيحة.

وشجّع ترامب “جميع الولايات الراغبة في نشر حراسها في تكساس من أجل منع دخول المهاجرين غير النظاميين، وإعادتهم عبر الحدود”، واصفاً الأمر بـ “الغزو”.

وجاءت دعوة ترامب وسط مطالبات من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين، في تلك الولاية، إدارة بايدن بإضفاء الطابع الفدرالي على الحرس الوطني في تكساس، من أجل منعه من وضع مزيد من الأسلاك الشائكة، وفقاً لوسائل إعلام أميركية.

وتناقضت سياسة بايدن عن سلفه ترامب فيما يخص ملف الهجرة. ومع استلامه منصبه، وقّع بايدن ثلاثة مراسيم بشأن الهجرة، ملتزماً العمل على محو “وصمة العار، أخلاقياً ووطنياً”، والموروثة عن سلفه دونالد ترامب، والمتعلقة بفصل آلاف عائلات المهاجرين عند حدود الولايات المتحدة الجنوبية.

ومؤخراً، نشر بايدن بياناً في منصة “إكس”، قال فيه إنهّ “أصدر تعليماته قبل شهرين لفريقه ببدء المفاوضات مع مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، من أجل معالجة أزمة الحدود بصورة جدية ونهائية. وهذا ما فعلوه، من خلال العمل على مدار الساعة”.

وذكر بايدن أنّه “على استعداد لتقديم تنازلات كبيرة بشأن سياسة الحدود لضمان التوصل إلى اتفاق فيما خص هذه القضية”، لكنّ الجمهوريين في مجلس النواب قالوا إنّهم لن يتنازلوا، وضغط ترامب على المشرّعين من الحزب الجمهوري لعدم قبول أي صفقة”.

وأشار بايدن إلى أنّ الكونغرس يحتاج إلى توفير التمويل الذي طلبه في تشرين الأول/أكتوبر الماضي لتأمين الحدود. ويشمل ذلك 1300 عنصر إضافي من حرس الحدود، و375 قاضي هجرة، و1600 موظف لجوء، وأكثر من 100 جهاز تفتيش متطور.

ومطلع الشهر الحالي، أعلن النواب الجمهوريون الأميركيون بدء إجراءات عزل وزير الأمن الداخلي في إدارة جو بايدن، أليخاندرو مايوركاس، بسبب أزمة الحدود المتفاقمة، في إطار سعيهم لترسيخ الهجرة، كقضية رئيسة في الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الجاري.

وتأتي هذه التطورات تزامناً مع مغادرة أحد كبار مستشاري بايدن بشأن قضايا الهجرة الأسبوع المقبل، بعد ثلاثة أعوام على توليه المنصب.

وأشعلت هذه الأحداث المنافسة بين المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، والمزمع إجراؤها في آخر عام 2024، بحيث يستخدم الجمهوريون قضية الهجرة باستمرار لمهاجمة خصومهم من الحزب الديمقراطي، ومن المتوقع أن تزداد حدة هذه الانتقادات مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.

تاريخ تكساس

كانت أراضي تكساس جزءاً من الإمبراطورية الإسبانية لأكثر من قرن. وكانت آنذاك جزءاً من دولة المكسيك الجديدة، من عام 1821 إلى عام 1836، عندما حصلت على استقلالها، وكان لها وجود قصير الأمد كجمهورية قبل الانضمام إلى الاتحاد.

في عام 1836 استقلت تكساس عن المكسيك، وعاشت جمهوريتها المستقلة نحو 10 أعوام، حظيت خلالها باعتراف الولايات المتحدة نفسها، ودول أوروبية، مثل بريطانيا وفرنسا. وكان لجمهورية تكساس دستورها وعلمها وحكومتها الخاصة، لكن لم تعترف بها المكسيك رسمياً.

بحلول عام 1835، كان هناك نحو 30 ألف مستوطن أميركي في تكساس، وكان كثيرون منهم غير راضين عن سياسات الحكومة المكسيكية. وفي تشرين الأول/أكتوبر من عام 1835، عقد المستوطنون في تكساس مؤتمراً لمناقشة شكواهم، ودعا المؤتمر إلى تشكيل حكومة موقتة وتشكيل جيش من المتطوعين للدفاع عن تكساس ضد القوات المكسيكية.

وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر، من عام 1835، أعلن تجمع قادة تكساس الاستقلال عن المكسيك وتشكيل حكومة موقتة لتكساس. وتأسست جمهورية تكساس رسمياً في 22 تشرين الأول/أكتوبر من عام 1836، وكان سام هيوستن أول رئيس لها.

كان لجمهورية تكساس عملتها الخاصة، وهي “دولار تكساس”، وجيشها هو “تكساس رينجرز”، بحيث تم تكليفه الدفاع عن جمهورية تكساس ضد التهديدات المكسيكية والأميركية.

وتم نقل عاصمة جمهورية تكساس عدة مرات خلال 9 أعوام من وجودها، من كولومبيا إلى هيوستن، فإلى أوستن أخيراً.

وواجهت مجموعة من التحديات خلال حياتها القصيرة. لقد كافحت من أجل تحقيق اقتصاد مستقر، واضطرت إلى الاقتراض بكثافة من الدائنين الأجانب، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

وضمت جمهورية تكساس في أوجها مناطق شملت ولايات تكساس وأوكلاهوما ولويزيانا حالياً. وكانت تحدها المكسيك من الجنوب، والولايات المتحدة وخليج المكسيك من الشرق.

ظلت جمهورية تكساس دولة ذات سيادة، من عام 1836 إلى عام 1845، عندما انضمت إلى الولايات المتحدة، إذ لطالما أراد عدد من أبناء تكساس الانضمام إلى الولايات المتحدة، وكانت حكومة الولايات المتحدة تحاول شراء تكساس من المكسيك منذ عام 1826.

وافق كونغرس الولايات المتحدة على الضم في النهاية، وأصبحت تكساس رسمياً في 29 كانون الأول/ديسمبر من عام 1845 الولاية الثامنة والعشرين للاتحاد، إلّا أنّه، خلال الحرب الأهلية الأميركية، انفصلت تكساس عن الاتحاد في عام 1861، ثم عادت في عام 1870.

إلا أنّه منذ ذلك الحين، حتى الآن، ينادي التكساسيون بالانفصال مجدداً عن الولايات المتحدة، وخصوصاً الجمهورين منهم.

وتكساس ليست الولاية الوحيدة التي تحاول الانفصال، فلقد سبقتها إلى ذلك كاليفورنيا بأعوام، بعد أن تعمّقت الانقسامات في الأعوام القليلة الماضية، في داخلها، وبينها وبين ولايات أخرى، وكانت نتيجتها 6 محاولات على الأقل لتقسيم الولاية إلى ولايات أصغر، أو فصلها كلياً عن الولايات المتحدة الأميركية.

ويُظهر استطلاع للرأي أجرته “إبسوس/رويترز”، عام 2014، أنّ ربع الأميركيين تقريباً منفتحون على انسحاب ولاياتهم من الاتحاد.

انفصال الولايات في الدستور الأميركي

ليس هناك في دستور الولايات المتحدة ما يمنع تكساس أو أي ولاية أميركية أخرى من ترك الاتحاد. لكن كثيرين من المؤرخين يعتقدون أنّه، عندما استسلم جيش الكونفدراليين في نهاية الحرب الأهلية عام 1865، فإنّ فكرة الانفصال انهزمت إلى الأبد، وإنّ انتصار الاتحاد كان بمثابة سابقة لعدم جواز انفصال الولايات قانونياً.

وفي أعقاب انتهاء الحرب الأهلية، وفي القضية المعروفة بـ “تكساس ضد وايت”، أزالت المحكمة العليا الأميركية أي غموض محيط بالمسألة، عندما قضت بأنّ “الاتحاد بين تكساس والولايات الأخرى هو اتحاد كامل ودائم ولا يمكن حله، مثله في ذلك مثل الاتحاد بين الولايات الأصلية”، التي تشكلت منها دولة الولايات المتحدة الأميركية. لكن، في حال قررت تكساس الانفصال، فسيرجع الأمر إلى الحكومة الأميركية للبتّ فيما إذا كانت تريد أن تتدخل، أم لا.

وعندما سُئل قاضي المحكمة العليا، الراحل أنتونين سكاليا، في عام 2006، عما إذا كان هناك أي سند قانوني للانفصال، قال إن “الإجابة واضحة. إذا كان هناك قضية دستورية واحدة حسمتها الحرب الأهلية، فهي أنه لا يحق للولايات الانفصال”.

‏أهمية ولاية تكساس الاقتصادية

وعلى رغم أن جمهورية تكساس كانت دولة قصيرة العمر، فإنه كان لها تأثيرٌ كبير في تاريخ الولايات المتحدة الحديث بعد انضمامها، وخصوصاً من الناحية الاقتصادية.

وتُعَدّ ولاية تكساس ثانيةَ أكبر الولايات في أميركا بعد ألاسكا، ويتميز اقتصاد ولاية تكساس بتنوعه بين الزراعة والصناعة والتجارة، بحيث يبلغ إجمالي ناتجها المحلي 1.43 تريليون دولار، وهو ما يعادل 8.5% من إجمالي الناتج المحلي الأميركي.

كما يبلغ احتياطي الولاية من النفط الخام 9.614 مليارات برميل، وهو ما يعادل 31.5% من إجمالي الاحتياطي الأميركي، بالإضافة إلى احتوائها على الغاز الطبيعي ومعادن أخرى، وهو ما ساعدها على تطوير صناعة النفط.

ويقع عدد من مقار الشركات الوطنية والدولية في ولاية تكساس، إذ يقع مركز ليندون جونسون للفضاء، وهو منشأة تابعة للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا)، في هيوستن، وهو بين عدد من المنشآت الجوية الفيدرالية في تكساس، بما في ذلك عدد من القواعد العسكرية الكبيرة.

بدأت إرهاصات الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأميركية، عام 1860، مع انفصال عدد من الولايات الجنوبية، التي سمّت نفسها حينذاك “الولاياتِ الكونفدرالية الأميركية”، ومنها تكساس. وأمام التطورات الأخيرة، والواقع الأميركي الحالي، والذي يشهد انقساماً وتشظياً حادَّين، سياسياً وحزبياً، هل يشهد عام 2024 حرباً أهلية ثانية في الولايات المتحدة؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى