بعد استعادة عافيتها وخلاصها من الإرهاب يعمل القائمون في منطقة الرستن بريف حمص الشمالي على محو الصورة القاتمة التي رسمها الإرهابيون طوال السنوات السبع الماضية عبر إطلاق حملة تأهيل وصيانة وإعمار شاملة للقطاعات الخدمية والبنى التحتية.
المدينة شهدت عودة أكثر من 80 بالمئة من أهلها بشكل تدريجي خلال الأشهر الستة الماضية لكن آثار الإرهاب لا تزال ماثلة في شوارعها وأركانها والتي تجهد المؤسسات الخدمية الحكومية والفعاليات الأهلية على قدم وساق لمحوها عبر إطلاق جملة من المشاريع.
ومن أبرز المشاريع الحيوية التي تحتاجها الرستن حاليا حسب قول عبد المنعم أيوب عضو المجلس التنفيذي في مجلس المدينة إعادة بناء جسر الرستن الذي خربه الإرهاب رغم أنه كان شريان مواصلات مهم يخدم أهلها في الوصول بأمان لطريق عام حمص حماة ومعمل اسمنت الرستن وريف المنطقة الشمالية.
وأضاف أيوب في تصريح لـ سانا أن الرستن بأمس الحاجة أيضا إلى إعادة تأهيل مشفاها الوطني مع استرجاع تجهيزاته الطبية وإحداث مستوصف أو نقطة طبية في المدينة في ظل غياب تام لأي مشفى أو مركز صحي يعود للقطاعين العام أو الخاص فضلا عن زيادة مخصصات المدينة من مادتي الخبز والمحروقات كونها لا تفي بالاحتياج الفعلي للسكان.
ويشير أيوب إلى أن إصلاح وترميم شبكة الطرق في المدينة التي تضررت بشكل بالغ خلال الأحداث يمثل أولوية إلى جانب استكمال أعمال ترحيل الأنقاض والأتربة من شوارعها وساحاتها والتي فاقت نسبتها الـ 80 بالمئة بالاعتماد على العمل الشعبي والإمكانيات الذاتية للمجلس الذي تم تخصيصه بموازنة وقدرها 77 مليون ليرة سورية لزوم تغطية نفقات سائر المشاريع الخدمية للعام 2019 وهذا المبلغ متواضع ولا يسد متطلبات إعادة تأهيل البنى التحتية.
المحاسب مصطفى عبيد ومسؤول الصيانة عبد الله حاج حسن في قسم كهرباء الرستن يوضحان أن المدينة نعمت بعودة خدمة التيار الكهربائي بعد مضي شهرين على عودة أهلها حيث تمت صيانة وإصلاح أكثر من 95 بالمئة من خطوطها وشبكاتها وكان أغلبها مخربا أو منهوبا لافتين إلى أن الوضع الكهربائي سيشهد تحسنا كبيرا بعد وضع خط كفر عبد في محافظة حمص بالخدمة كرديف للخط المغذي للرستن حاليا الوارد من حماة.
وبالنسبة للواقع التربوي والتعليمي فان صورة تعافيه تبدو أوضح من خلال معاودة استئناف العملية التعليمية في مدارس الرستن وعددها 35 مدرسة حسبما ذكرت خديجة الخطيب مديرة مدرسة الشهيد عبد الكريم الخطيب للتعليم الأساسي حيث أشارت إلى أنه بهدف تعويض المدارس المتضررة الخارجة من الخدمة بفعل الإرهاب استثمرت المدارس السليمة بدوامين صباحي ومسائي ما سمح باستيعاب أكثر من 15 ألف تلميذ وطالب في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي مؤكدة أن التعليم في مدارس المدينة يسير بوتيرة جيدة ولا يعكر صفوه أي شائبة باستثناء بعض النواقص في الوسائل التعليمية البسيطة.
وفيما يخص قطاع المياه أشار محمود الموسى فني التشغيل في وحدة مياه الرستن إلى أن قطاع مياه الشرب مستقر إلى حد ما ويجري ضخ المياه بالشبكة يوما كل ثلاثة أيام لتشمل كل أحياء المدينة التي يتجاوز عدد مشتركيها بعدادات المياه 7000 مشترك ويتم إرواؤهم بخط الجر الرئيسي المغذي للرستن من أعالي نهر العاصي لافتا إلى أن هناك بئرين ارتوازيين رديفتين لخط المياه الرئيسي الأولى مستثمرة والثانية في طور الاستثمار بعد قرب انتهاء تأمين تجهيزاتها الفنية تمهيدا لبدء ضخ المياه منها بداية العام المقبل.
وبخصوص خدمة الهاتف الأرضي فإن المدينة ستشغل قريبا2200 خط هاتفي لتخديم المراكز والمؤسسات الحكومية كمرحلة أولى حسبما ذكرت مديرة هاتف الرستن المهندسة ردينة حمدان في حين أن خدمة الانترنت تبقى غائبة عن المدينة وسط الظروف والإمكانيات الراهنة وإحداثها مرهون بتخصيص اتصالات محافظة حمص لبوابات انترنت وهذا يشكل مطلبا واسعا للأهالي في ظل تطورات الحياة المعاصرة وتنامي دور الاتصالات في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية.
وشهدت الحركة التجارية والاقتصادية والنقل في مدينة الرستن انتعاشا كبيرا ونشاطا ملحوظا في الأشهر الماضية بعد عودة الأمان والاستقرار للمنطقة بشهادة أصحاب المحال التجارية ويؤكد أكرم الشامي صاحب مطعم النور أن أجواء الأمن والسلام التي عمت المدينة انعكست إيجابا على مجمل قطاعات الحياة فعلى صعيد مطعمه تصاعدت حركة البيع وارتياد الزبائن للمطعم حتى ساعات متأخرة من الليل.
فيما يقول يوسف الصالح صاحب حلويات الأهرام الأشهر في المدينة: أن مبيعاته ارتفعت بمعدل الضعف في ظل تحسن الأوضاع الأمنية وجلاء الإرهاب عن المنطقة كما يشير أيمن حمزه أحد الأهالي ويعمل سائقا لسيارة أجرة إلى انتعاش حركة النقل التي كانت خلال الفترة الماضية في حالة سبات جراء عدم الاستقرار مبينا أن عمله يمتد حاليا حتى المساء مع تنامي حركة السفر من وإلى منطقة الرستن من مختلف قراها كتسنين وفورنان وجبورين وعز الدين ودير الفول والحولة والغجر وام شرشوح وغيرها.
الرستن منطقة تقع شمال مركز محافظة حمص بمسافة 20 كليو مترا ولطالما ارتبط اسم المدينة بسدها الذي يعد من أهم وأكبر السدود على مستوى سورية وهو يغذي المنطقة الوسطى بمياه الري وفيها جسر الرستن الكبير الذي تم إنشاؤه عام 1958 ويربط شمال سورية بجنوبها وسهول الرستن تمتد من الحولة غربا إلى البادية شرقا وتعد مصدر إنتاج زراعي وصناعي مهم فضلا عن نشاط أهلها في قطاع النقل والشحن.