هكذا هي دائما الحروب تلقي بظلالها الثقيلة على أي بلد يعيشها وتتسبب بتراكمات ربما تحتاج لعشرات السنين لترميمها.
هذا هو الحال في سورية.. فالحرب تسببت بشلل في كافة مناحي الحياة والقطاع الاقتصادي الذي كان الخاسر الأكبر ترك ندباته العميقة على كافة مناحي الحياة و هنا نتوقف عند العمود الأساسي منها ألا وهو التعليم.
وقبل أن نتحدث كيف تحول التعليم لتجارة، لا بد من الإشارة إلى الخسائر الكبيرة التي لحقت بالقطاع التربوي من قبل الإرهابيين الذين دمروا الاف المنابر التعليمية من المدارس والجامعات.
هذا الأمر تبعه انعكاسات جمة، وصلت لأن تحولت المدارس لدكاكين ربحية، بدءا من المدراس الخاصة التي يبلغ أقل قسط فيها 5ملايين ليرة ويتجاوز 10ملايين حسب الصف المقصود، ورغم هذه الأقساط إلا أن الكثير منها يتعرض لانتقادات جمة من قبل الأهالي حول تدني جودة التعليم.
أما المدارس الحكومية التي وللأسف فقدت في أغلبها إن لم نقل معظمها كل أركان قدسية التعليم، وبات مدرسوها يتسابقون لكسب الطلاب لمعاهدهم الخاصة التي فاقت أسعارها الخيال، وتجاوزت ساعة بعض المدرسين 30ألف ليرة.
هذا غيض من فيض مما آل إليه قطاع التعليم في سورية، وما زاد من كبوته رفع أسعار الكتب المدرسية حتى وصلت في بعض منها لنصف راتب الموظف، حيث بلغ سعر نسخة الكتاب المدرسي للصف العاشر 48300 ليرة سورية، أما سعر نسخة الكتاب للصف الحادي عشر 54800 ليرة، بينما نسخة الكتب لصف البكالوريا 49800 ليرة سورية.
هذا الواقع وضعته وكالة الآن الإعلامية أمام وزير التربية الدكتور دارم طباع، حيث حاولنا الإجابة على الأسئلة التي تراود كل منا بخصوص قطاع التعليم.
بدأنا حديثنا بتصريح الدكتور طباع حول طالب الطب و الطالب المهني والذي تصدر مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين.
وزير التربية أكد أنه من المفروض أن أبناء البلد يبنوا البلد، ويجب أن يكون 70%من خريجي الثانويات من التعليم المهني، و 30%للتعليم الأكاديمي، لافتا إلى أن الدولة تخرج سنويا مئات الأطباء الذين تدفع عليهم مبالغ طائلة لتعليمهم ثم يهاجرون فيما تعاني البلاد من النقص، بينما أي عامل يدرس سنتين ساعة عمله تتجاوز 10الاف ليره، والبلاد بحاجة لهذه الكفاءات اليوم لاسيما أننا في مرحلة إعادة الإعمار.
وأكد طباع أنه ولدعم التعليم المهني، وضعت وزارة التربية 70%من ميزانية الوزارة للتعليم المهني، ولدينا أدوات و ورشات لا يوجد منها في العالم لكافة المهن كالنجارة والحدادة و الخياطة و التبريد والتكييف و السيارات وغيرها.
ولفت وزير التربية إلى إجراءات كثيرة اتخذتها الوزارة لدعم التعليم المهني، و هناك العديد من القوانين لتطوير التعليم المهني، مشيرا إلى أن طالب التعليم المهني يحق له العمل بمدرسته بأجر، كما صدرت العديد من المراسيم لدعم هذا المجال.
وأكد طباع أن البلد بحاجة لشبابه وهذا ما يتم العمل عليه، ويجب أن ننمّي لديهم الروح بأنهم المسؤولين عن إعمار البلد.
وحول رفع سعر الكتاب المدرسي، قال طباع أنه لم يتم رفع سعر الكتاب المدرسي سوى للمدارس الخاصة والمدارس التي تشتريه من مراكز بيع الكتب.
وأكد طباع على صعوبات طباعة الكتب وتكاليفه، مشيرا إلى أن الكتاب يقدم مجانا لكل مرحلة التعليم الإلزامي، فيما ستم بيع نسخ الكتب للمرحلة الثانوية بسعر أقل من سعر تكلفته.
وزير التربية شدد على أنه لا يمكن الاستمرار بطباعة الكتاب بدون أن يكون هناك وارد لدعمه.
وحول أقساط المدارس الخاصة الخيالية، قال وزير التربية أن الوزارة حددت الأقساط، داعيا للشكوى على أي مدرسة خاصة تخالف و يتم معاقبة المدارس المخالفة.
وعن واقع المدارس الحكومية، أكد طباع أن الصورة العامة ليست صحيحة و المدارس الحكومية تقوم بواجبها كاملا، مشيرا إلى أن المدارس تقدم للطلاب كل الإمكانيات للتفوق.
وشدد طباع على أن أي حديث عن تراجع مستوى التعليم فهو غير صحيح وكلام غير واقعي، مؤكدا أنه لا يمكن منع الأهالي من جلب استاذ خاص لأبنائهم لكن هذا ليس بسبب تدني مستوى المدارس بل حتى يصبحوا تريند فقط وبسبب جهل البعض منهم.
طباع شدد أن كل الأوائل في سورية هم من المدارس الحكومية، ورغم الحرب فالمدارس مؤهلة بكل وسائل التعليم ويتم عمل دورات للمعلمين على طرائق التعليم الحديثة، والقاعدة التي نرتكز عليها منظمات اليونيسكو واليونيسيف.
وشدد وزير التربية الدكتور دارم طباع على أن النظام التربوي السوري من أهم النظم التعليمية في المنطقة العربية.
ورد طباع على الانتقادات التي تطال دعم التعليم في سورية، مشيرا إلى أن عدد الحقائب المدرسية التي توزعها الوزارة للمدارس المحتاجة بمئات الآلاف و بعض الطلاب يوزع عليهم وجبات غذائية، كما أن 660 الف طالب يتلقون يومياً بسكوت بالعجوة و130 الف طالب يتلقون قسيمة سلة غذائية تتجاوز قيمتها 150 الف ل.س، كما أن الدولة تقدم رواتب للمعلمين، و فرش للمدارس و رغم ظروف الحرب يتم تقديم الدعم قدر الإمكان.
وحول مخاوف الأهالي من المتحور الجديد لفيروس كورونا، شدد طباع على أنه تم وضع بروتوكول جديد للصحة المدرسية وفق منظمة الصحة العالمية وهناك سيطرة كاملة على الوضع.
وأخير تحدث وزير التربية عن النسبة المخصصة لذوي الشهداء في المدارس الخاصة، مؤكدا أن هناك تنسيق كامل بين الوزارة وبين مديرية شؤون الشهداء، وهناك تعميم لكافة المدارس بضرورة الالتزام بالنسبة المطلوبة 5%، وحتى المواصلات ملزمة فيها وكل مدرسة لا تلتزم سيتم معاقبتها.
ختاما… يبقى الأمل بأن يكون فعلا قطاع التعليم معافى في سورية وأن تكون تصريحات الدكتور طباع واقعا حقيقيا و أن يسهم كلّ من مكانه بتصحيح مساره التعليم وتقويم بعض اعوجاجاته قدر الإمكان.
عفراء كوسا – دمشق