Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

أزمة الطاقة تتفاقم مع الهجمات القطبية.. المتضرر معروف فمن المستفيد؟ !(ألغاز الغاز)

تصريحاتٌ صحافيةٌ وإطلالاتٌ “سانتا كلوزية” مشفوعة بالحديث عن انجازات وزارة النفط وخططها التي “ستكمل مشوار التعافي من أزمات المحروقات والكهرباء والغاز”، ذلك المشوار الذي انطلق بنجاعةٍ في شهر آذار من عام 2017، لكن الواقع المزري في هذه الأيام لا يعكس مصداقيةً في ما نرى ونسمع، إذْ ليس بالوعود الإعلامية وحدها نحمي بناء وطنٍ قاوم الموجات الإرهابية فانتصر، لكنه فشل في مقاومة الموجات القطبية…أما دفء التصريحات فلا يقي مواطناً شرّ بردٍ يعرفه، فما بالنا ببردٍ لم يسمع عنه من قبل؟!

 وبالعودة إلى الأمس القريب، حيث بداية انتصار جيشنا على الارهاب وتحريره المناطق التي كانت تحت سيطرة الارهابيين،  فقد شهد واقع الكهرباء والمشتقات النفطية تحسّناً ملموساً، بل ونقلةً ممتازةً، فما الذي طرأ واستجدّ على ذلك الواقع خلال شهور قليلة ليسجّل تدهوراً في الوضع إلى أيامنا هذه؟  

بعض ألغاز الغاز!

اللغز الأول في أزمة الغاز والكهرباء الخانقة يعبّر عنه متخصصون تتبّعوا بشكلٍ يوميٍّ ضغوط الآبار والمؤشرات الإنتاجية  التي تزوّد منشآت الشركة السورية للغاز ومثيلاتها كشركتيْ حيان وإيبلا للنفط، فاكتشفوا وجود انخفاضٍ واضح في ضغوط تلك الآبار مما سيؤدي مستقبلاً إلى انخفاض معدلات إنتاجها إلى درجة حرجة قد تمنعها من الدخول إلى منشآت المعالجة بما يؤثر مباشرةً على كميات الانتاج وربما توقفها…فما هي الإجراءات المتّخذة لتلافي هذا الخطر والمتلخّصة في ضرورة تأمين  كافة مستلزمات الحفاظ على الانتاج وخاصةً الضواغط ؟…هل يمكن الاسترخاء في ضوء هذا الانخفاض الملحوظ في ضغوط الآبار التي تزوّد المنشآت المعنية بالغاز، والمُهدِّدة بتوقف إنتاجه نتيجة عدم توفر المعدات اللازمة في الوقت المناسب؟!

أما اللغز الثاني في معضلة الغاز السوري فهي التصرّف اللامسؤول والمريب في حقل “أبو رباح” النفطي، حيث تمّ في أواخر العام المنصرم تكبير “فالات” خمسة آبار في الحقل المذكور، وذلك بمقدار 2 مليمتر لكل “فالة”…وبدلاً من أن يجني هذا التكبير ما يزيد على 200 ألف م3 من الغاز يومياً-كزيادة نظرية متوقعة مقابل تكبير الفالات- فقد جنى فقط 70 ألف م3 من الغاز يومياً، مع انخفاض الضغوط الديناميكية لبعض الآبار لأكثر من 2 “بار” وزيادة في نسبة المياه التي قد تجتاح بعض الآبار قريباً وتُخرجها من الانتاج، بما يعني انخفاض إنتاجية حقل “أبو رباح” نتيجة الاستثمار الجائر حسب مختصين… فما هي الأسس التي إعتمدتها وزارة النفط في تكبير أقطار “الفالات”؟ وماذا فعلت الشركة السورية للنفط ومديرية الدراسات البترولية لتلافي هذا الخطر وإعادة “فالات” الآبار المذكورة إلى وضعها السابق؟! وأين الخطط الموضوعة سابقاً، وماهي إجراءات وزارة النفط؟

أما السؤال الكبير الذي تتطلّب الاجابة عليه تحقيقاتٍ نزيهةً، فهو لماذا آلت الأمور إلى حد التدهور؟! وهل وصل ذلك إلى مسامع وزير النفط أم لم يصل بعد؟! وفي حال أدرك الوزير الأمر من قبل المعنيين الحريصين، فهل كانت مكافأته لهم إعفاءهم من مهامهم لئلاّ يقضّوا له مضجعاً ؟!

إعفاء الكفاءات وعرقلة عمل أهم شركات النفط الوطنية

 لقد ألّمنا ونحن نجمع معلومات هذه المقالة موضوع معاقبة المختصين والخبراء الذين أسهموا في كشف الخلل والإشارة إلى مكامن الأخطاء واقتراح الحلول المسعفة في قطاع النفط السوري ومؤسساته الفنية والإدارية، فهل الإعفاء لأهم واضعي الخطط السليمة والمشيرين إلى الخطأ من مهامهم ومسؤولياتهم ومحاربتهم دون هوادة هو الحل ؟ وبالتالي هل يتضمن هذا الحل إسكات كل معترض أو غيور على مصلحة الوطن، رغم عمله الدؤوب وجهوده الجبّارة في عودة أهم المنشآت النفطية الوطنية إلى الحياة؟!…

 وكذلك الأمر، فلمصلحة من تجري عملية تطويق شركة نفط وطنية خاصة قامت بإنجاز أعمالٍ نوعية وهامة في قطاع النفط السوري؟ هل تطويق هذه الشركة هو للقضاء عليها وعلى مؤسسيها والعاملين فيها، وهل يمكن قبول ذلك في الوقت الذي اتّضحت فيه قدراتها وإمكانياتها على الأرض بما يخدم القطاع المذكور؟

 ومن جهة أخرى، هل هدّد المضيُّ في تنفيذ الخطط الموضوعة من قبل من تم إقصاؤهم، واستمرار تنفيذها من قبل الشركة الوطنية المذكورة، والتي اقتربت –وأكثر- من أن تكون شركة عالمية، هل هدّد أحداً أو أساء إليه؟ وبالتالي فما الضير من استكمال هذه الأعمال التي  ستعود بالفائدة والنفع على الدولة وتجنيب المواطن جزءاً هاماً من المعاناة اليومية التي يعيشها الآن؟ وأي هدف “وطني” يكمن في ترك المنشآت تعمل ضمن ظروف خطيرة وغير آمنة؟ وما الحكمة من ترك الغاز يحترق يوميا” بكمية 150.000.00 متر مكعب بما قيمته التقديرية من غاز ومتكاثفات 70 الف دولار يوميا”؟  هل يترجم ذلك بوضوح أولويات وزارة النفط؟! 

أما بعد أن حورب البعض، وأعفي وعوقب البعض الآخر،  وأضحت الساحة خالية تماماً أمام فريق ” ثقة ” الوزير، فلماذا لا يتم تأهيل الضواغط وتدارك انخفاض ضغوط الآبار الحاصل الآن، والذي قد يؤدي الى توقف الانتاج؟!… وما الذي يحصل في كواليس وزارة النفط غير حالة الفصام والانفصام العلني عن الواقع بإمضاء السيد الوزير؟!…هل هو صراع المصالح ضد الوطن والمواطن، أم أن مضمون الظهور الاعلامي المكثف لكبير وزارة النفط ينفي ذلك؟! 

هل هي معادلة “الأمن مقابل البرد والظلام”؟!

نحن ندرك تماماً كل ما يمكن أن يتعرض له قطاع النفط من إخفاقات وسوء أداء اعتيادي بات سمة من سمات العمل المؤسساتي الحكومي، كما ندرك جشع المتعهدين وطمع المهرّبين ورغبة بعض الحكوميين في استدرار العملة الصعبة المشتقة من بعض عمليات تزويد الأشقّاء بنعمة الكهرباء، لكن ما لا يمكن أن ندركه ونصدّقه هو أمرٌ أكبر من كل ما ذكرناه…أمرٌ بات الآن يهدّد الوطن والمواطنين فعلياً أكثر من أكثر أيام الأزمة سوءاً، فما الذي غَنِمَه المواطن بعد قرابة سنة من انتهاء الأزمة في الكثير من المناطق غير توقُّف إطلاق القذائف؟! وهل يمكن الرضوخ لمعادلة “الأمن مقابل البرد والظلام” أو “الأمن مقابل الطاقة”؟! وكم هو العمر الافتراضي –والفعلي- لهذه المعادلة في الوقت الذي بتنا نرى فيه احتجاجات عارمة من قبل مختلف شرائح المواطنين، زاد لهيبها في الأيام الأخيرة موضوع البطاقة الذكية ؟؟!!

سفينة نوح لسوريا والسوريين!

فمن أجل الحفاظ على سوريا والسوريين بعد كل ما يتعرضون له من صعوبات في الاستمرار ضمن ظروف معيشية قاسية بسبب الصلف الحكومي وسوء الإدارة والتخطيط، هل نجد أنفسنا أمام فكرة سفينة سيدنا نوح للحفاظ على سوريا وسوريين يمثلون نوعها التاريخي والجيني وكافة شرائحها بهدف التكاثر فيما بعد وإعادة تأسيسها على أسس سليمة جديدة؟! على أن تتمتع هذه السفينة بالكهرباء والمحروقات وكافة صنوف الطاقة اللازمة لحياة البشر، وأن تُدار بواسطة طاقم من المسؤولين النزيهين الذين يجيبون ركّاب السفينة –ولو الإعلاميين منهم على الأقل- عن أي سؤال يتعلق بخلل طارئ أو غير متوقع ليقوموا بإصلاحه، فخارج تلك السفينة لا إجابات، وعادةً ما يكون عدم الإجابة لصالح مسؤولين ومستفيدين غامضين لم يعد هنالك منطق قانوني أو وطني أو أخلاقي يبرّر ما يفعلونه.

مخططات حالة السلم أخطر من مخططات حالة الحرب

ففي حالة الحرب –وتسليماً بالأمر الواقع الجلل لصالح الوطن- كنا نرى رجل الخمسين –بل أكثر- سعيداً بحمل جرّة غاز على كتفيه لمدة ساعتين أو ثلاثة بحثاً عن أختٍ مليئة لها ولو جزئياً، كما كنا نرى طوابير بشرية راضية مرضية للحصول على مادّة تدفئة أو تغذية…واليوم فنحن لمّا نزل في هذه الحالة، ولكن هل بنفس المشاعر السابقة المبررة بسلامة الوطن؟!…بالتأكيد لا فالمشهد العام الآن -والعمومي تحديداً- تُسجَّل فيه أصناف من التذمُّر الشعبي والشتائم العابرة والقاصدة لمقرات الحكومة، لا سيما وأن أحدث ما أتت به تلك الحكومة بعد تعديلها الأخير هو تعليمات وتعميمات تخص كيفية توقيف المواطنين ولجم رغباتهم الالكترونية وغيرها في انتقاد الأخطاء والوضع الحكومي المتأزّم!!! وكيف لا يحدث ذلك التذمُّر وجل الشعب –إن صح التعبير- هو خرّيج حرب قاسية ظالمة أفقدته فلذات أكباده وماله وأملاكه، وشوّشت على قيمته العربية والدولية؟!

ولنتذكّر دوماً أن الأزمات الداخلية تشتد أكثر حين تطرح القوى الأجنبية اللاعبة في الساحة السورية مخططاتها للتنفيذ النهائي على الأرض، أما مجابهة تلك المخططات فإنما تتطلب –وحسب الإمكانيات المتوفرة- المزيد من توفير الأمن والأمان والخدمات للجبهة الداخلية لتكون موحدة في الخيار الوحيد مع القيادة لصالح الوطن، وهو الدفاع عنه.

فتيل أزمة جديدة بين البلل والبلبلة

وختاماً وبعد كل ما استعرضناه من جوانب أزمة الطاقة، هل يبقى سؤال “من المستفيد من تلك الأزمة” بلا جواب، وهل سيستمر ظن بعض المسؤولين من ممثلي الحكومة بأن ظهورهم على الشاشات الوطنية ووسائل التواصل هو كظهور ممثلي الفن والدراما، يمنحهم الشعبية والمصداقية والإعجاب؟!…وإلى متى ستبقى الفلسفة الحكومية الخاصة بالثواب والعقاب قائمةً على شكلها المنحرف هذا، والذي ما انفكَّ يطالب بوثائق ومعلومات وأدلّة “ميتافيزيقية” لإدانة أقبح المرتكبين وأسوأ الارتكابات، في حين أن الوضع بحد ذاته هو أوضح وثيقة وأنصع دليل؟!

كل ذلك برسم الحكومة الآن، ولا يظنّنَّ أهم أعضائها –وهو وزير النفط- أن الفتيل تحت تحكُّمه، وأن البلل -لا البلبلة- هو ما يُشعله فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى