Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.

الغوطة تنهض من جديد.. أهالي الخامسية يعيدون تشجير أراضيهم

رغم ما تعرضت له مزارعهم من إبادة على يد الإرهابيين قبل أن يحررها الجيش العربي السوري إلا أن أهالي قرية الخامسية في عمق الغوطة الشرقية أصروا على إعادة تشجير أراضيهم.

والغوطة التي صمدت في وجه الإرهاب لسنوات تنهض من جديد وأهلها يقطعون الوعد بأن تكون مجدداً سلة دمشق الغذائية.

يقف أبو أحمد على مقربة من أطنان الأغصان وجذوع الأشجار الضخمة التي قطعها وحرقها الإرهابيون دون رحمة عاقداً العزم على إعادة تشجير مزرعته على أطراف بلدته الخامسية 33 كم جنوب شرق دمشق.

يشير أبو أحمد بيمينه إلى إحدى الأشجار التي تحولت طعاماً للنيران بعد أن رتب غطاء الراس “الشملة البيضاء” وفوقها العقال الأسود ويقول لمراسلة سانا “هذه شجرة إجاص من بذرة فرنسية كنا نتسلق سلماً من 14 درجة لنقطفها وكان إنتاجها يبلغ  800 كغ كل موسم” ويضيف بحسرة “الإرهابيون الذين استولوا على القرية وبساتينها قبل أن يحررها الجيش العربي السوري استخدموا السلالم للتمركز والاختباء في قلب الأشجار وممارسة إعمالهم الإجرامية بقنص الأهالي والجيش وعندما تأكدوا من هزيمتهم واندحارهم صبوا جام حقدهم على الأشجار بقطعها وحرقها وتخريب مضخات المياه”.

على مساحة واسعة بجوار منزله تكدست الأشجار اليابسة حيث ما زال أبو أحمد الذي ساهم بزراعتها مع والده قبل 23 عاماً ينظر إليها ككائنات لها تاريخها ويقول: “إنها تولد 1985 اشتريتها وزرعتها بيدي مع والدي عندما كنت جندياً في الجيش وبعد انتهاء الخدمة العسكرية كرست حياتي للعمل بالأرض وبعد أن أثمرت وأعطت لسنوات جاء الإرهابيون وقطعوا 4600 شجرة من أجود أصناف الفاكهة (الخوخ والدراق والمشمش والعنب والجوز والجارنك) من بينها 500 دالية كان يصل وزن بعض عناقيدها إلى 5 كغ لتتحول إلى 150 طنا من الحطب”.

وعند سؤاله كيف تحمل رؤية بستانه مبتور الأغصان والجذوع يقول في آخر موسم قبل أن نضطر إلى هجر القرية للنجاة بأنفسنا من الإرهابيين كان يقدر موسم المزرعة ب 19 مليون ليرة سورية كل ذلك لم يعد موجوداً.

ويكمل أبو أحمد مع نظرة رضا “هناك شعور بالخسارة أكبر من مزرعتي انتباني في لحظة ما كدنا نشعر أننا فقدنا الوطن ثم أن هناك أماً فقدت ابنها وزوجة خسرت زوجها وأطفالاً بلا أب بسبب الحرب خسارتهم لا تعوض بينما استطيع إعادة تشجير بستاني”.

بعد سبع سنوات من هجرهم القرية عاد معظم الأهالي وباشر البعض بتأهيل منازلهم وزراعة أراضيهم.

عيد فواز مختار بلدة الخامسية يقول: “إن 250 عائلة عادت قبل ستة أشهر وبدأ معظم الأهالي بممارسة أعمالهم وزراعة أراضيهم وترميم منازلهم” لكن نحتاج لمحولة كهرباء حتى يتمكن الفلاحون من ضخ المياه وسقاية مزروعاتهم.. الكل يعتمد على الزراعة وتربية الأغنام والأبقار وهناك آبار ردمها الإرهابيون تحتاج إلى تعزيل”.

دياب الكحلان مربي أغنام وأبقار يأمل أن تبادر وزارة الزراعة بمد المزارعين بالأسمدة والغراس موضحاً أن الكثيرين لا يملكون المال لشراء الغراس التي يصل سعر بعضها إلى 2000 ليرة ويضيف وهو يشير إلى الأشجار المقطوعة: “كانت سلة متكاملة من الفواكه حولها الإرهابيون إلى مقبرة جماعية للأشجار المثمرة ونحن مستعدون لمؤازرة بعضنا لإعادة بساتين البلدة مصدراً للفواكه والخضر بأفضل ما كانت عليه في السابق”.

يترك أبو أحمد المقبرة الجماعية لأشجار مزرعته كما يسميها أهالي القرية وبمساعدة أولاده ومؤازرة الأقرباء ينقل الغراس الجديدة من الأصناف ذاتها التي كانت تضمها المزرعة اشتراها من مشاتل بريفي دمشق ودرعا ويقول وهو يقف على تلة صغيرة تطل على أرضه التي تم تمهيدها وتشجير قسم منها: “سنعمل على تشجير كامل المزرعة 130 دونماً”.

يتمتع المزارعون بإرث من الخبرة المتوارثة ومهارة عالية بالزراعة واستثمار الأرض ويحرص أبو أحمد على استخدام قطعة خشبية على شكل مسطرة لضبط المسافة بين شجرة وأخرى بعد تهيئة الأرض وترتيب الحفر في خط مستقيم تتوالى فيها الغراس بأنساق متتالية (الخوخ والمشمش والجوز والدراق والعنب) وإلى حين أن تنمو الشجيرات وتكبر تتم زراعة نباتات موسمية.

ويقول أبو أحمد: “نزرع بين الأشجار لثلاث سنوات أنواعاً من الخضر بندورة، خيار، كوسا، ملفوف، بازلاء، فول، باذنجان، فليفلة، خس.

يملي أبو أحمد على أبنائه ما تعلمه من والده لتعميق علاقتهم مع الأرض يقول بوجه بشوش وهو يكيل بمجرفة التراب على جذع غرسة طرية بمساعدة أحد أبنائه: “إنها ثروة وطنية لا نتخلى عنها”.

الابن أحمد يقود الجرار يحرث الأرض ويتقن زراعة الغراس يقول “تعلمت من صغري فنون الزراعة رجعنا إلى البلدة نعيد زراعة المزرعة من البداية وسنجدد الأشجار المثمرة وتعويض ما خسرناه بسبب الإرهابيين”.

الزارعة نهج حياة وقطاع اقتصادي مهم لأهالي بلدات الغوطة الشرقية وفضلاً عن أنها تعزز الأمن الغذائي لديهم إلا أنها علاقة بين الأرض وصاحبها تزداد قوة مع مرور السنين كما يقول أبو أحمد: “انا ابن سورية لا مكان يحتضنني إلا هذا الوطن العزيز ولا قيمة لي في أي بلد آخر ولو حملت معي مليارات الليرات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى